للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

ومن قال: يدفعه بلطف قال: يضمن بالدية، فقيل: في ماله، وقيل: على عاقلته، وهو قول في مذهب المالكية (١).

أما الحنفية فلا تتنزل هذه المسألة على مذهبهم لما علمت من أنهم لا يرون المدافعة باليد، ويقصرونه على الإشارة أو التسبيح.

فإذا كان الخلاف في الضمان فرعًا عن تأويل المقاتلة، لم يكن الفرع حجة على إبطال الأصل.

وأما تأويل المقاتلة باللعن، احتجاجًا بقوله تعالى: (قاتلهم الله) فهذا ضعيف،

أولًا: لأن الآية فيها قرينة تمنع من إرادة ظاهر اللفظ، وهو أن المقاتلة بين العبد وربه، وهذا ممتنع فالعبد تحت قهر الله وإرادته، لا يمكنه مقاتلة الله ﷿، فأين القرينة في الحديث التي تمنع من إرادة الظاهر لكي يسوغ التأويل.

ثانيًا: قوله في رواية مسلم: (فليدفع في نحره).

ثالثًا: فعل أبي سعيد الخدري راوي الحديث، وهو أعلم بما روى، حيث دفع الشاب حين أصر على المرور.

رابعًا:

(ح-٢١٧٦) ولما رواه البخاري ومسلم من طريق أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله الصيام جنة، فلا يرفث، ولا يجهل وإن امرؤ قاتله أو شاتمه فليقل: إني امرؤ صائم (٢).

ففرق بين المقاتلة وبين الشتم، والله أعلم.

• دليل الحنفية على أن الدفع يكون بالإشارة أو بالتسبيح:

(ث-٥٢٣) يستدل لهم بما رواه الطبري في تهذيب الآثار من طريق محمد بن جعفر، قال: حدثنا شعبة، عن سعد بن إبراهيم،

عن أبيه، قال: كنت أصلي فمر إنسان بين يدي، فمنعته، فأبى، فمر، قال: فأتيت


(١) إكمال المعلم (٢/ ٤١٩)، التمهيد لابن عبد البر (٤/ ١٨٩)، شرح الزرقاني على الموطأ (١/ ٥٣٤).
(٢) البخاري (١٨٩٤)، ومسلم (١٦٠ - ١١٥١).

<<  <  ج: ص:  >  >>