للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

• حجة من قال: يدفعه دفعًا خفيفًا:

فسر أصحاب هذا القول: (المقاتلة) هي المدافعة بلطف؛ لأنهم أجمعوا على أنه لا يقاتله بسيف، ولا يخاطبه، ولأنه لو دافعه بشدة فقد يبلغ به مبلغًا يفسد صلاته؛ فيكون فعله أضر على نفسه من المار بين يديه (١).

ولأنه لو دفعه فمات كان عليه ديته في أحد قولي العلماء، ولو كان مأذونًا له بالدفع الشديد لم يضمنه؛ لأن ما ترتب على المأذون فغير مضمون (٢).

وقال الباجي: «وما ورد في الحديث: (فإن أبى فليقتله؛ فإنما هو شيطان) يحتمل أن يريد به فليلعنه؛ فإن المقاتلة تكون في اللغة والشرع بمعنى اللعن، قال الله تعالى: ﴿قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ﴾ [الذاريات: ١٠] وقال ﴿قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ﴾ [التوبة: ٣٠].

جاء في تهذيب اللغة عن قوله: (قاتلهم الله): ليس هذا من القتال الذي هو بمعنى المقاتلة والمحاربة بين اثنين؛ لأن قولهم: قاتله الله بمعنى لعنه الله، من واحد؛ فإذا قلت: قاتل فلان فلانًا فإنه لا يكون إلا بين اثنين» (٣).

فكذلك قوله: (فليقاتله): تحتمل أن يراد بها اللعن.

• ويرد هذا من وجهين:

الوجه الأول:

لا يفهم من لفظ (المقاتلة) لغة المدافعة بلطف، فالعبارة على ظاهرها، إنما خرج من ذلك المسايفة، والبلوغ بالمدافعة إلى الحد الذي تفسد به الصلاة، وبقي ما عداهما.

الوجه الثاني:

أن حديث أبي سعيد الخدري في مسلم جعل الدفع بحدود الاستطاعة، وهذا يبطل


(١) انظر: شرح البخاري لابن بطال (٢/ ١٣٦).
(٢) انظر: التمهيد (٤/ ١٨٩).
(٣) تهذيب اللغة (٩/ ٦٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>