للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

في العبادة أن يكون أصلها مشروعًا حتى تكون على الوجه الذي استحبه الشارع (١).

فيقال: أفعلها الرسول على هذا الوجه أم ترك هذه الكيفية مع إمكان فعلها؟

فإن قالوا: فعلها: فعلى المدعي إثبات ذلك، وينقطع الخلاف، وينتفي عنها صفة البدعة جملة وتفصيلًا، ولا يستطيعون إثبات ذلك.

وإن قالوا: ترك الرسول وصحابته هذه الكيفية مع إمكان فعلها.

فيقال: فلماذا تخالفونه وتفعلونها، أترون أنكم أهدى طريقًا، وأكمل عملًا من هديه وطريقته، فمن اعتقد هذا كان على خطر عظيم.

وإن قالوا: إن هدي الرسول أكمل وطريقته أفضل، كان ذلك أدعى لالتزام هديه، وترك الإحداث في الدين، فالترك من النبي سنة كالفعل.

الدليل الثاني:

قالوا: إن كثيرًا من المصلين لا يعرف ما يدعو به، وإذا دعا فقد يدعو بما لا يجوز، وقد يلحن بالدعاء، وقد لا ينشط على العبادة وحده، فإذا دعا الإمام كان أعلم منهم بالأدعية المشروعة، وبجوامع الدعاء، فإذا أمن المأموم كان كما لو دعا، لأن المؤمن داع.

• ويجاب بأكثر من جواب:

الجواب الأول:

أن الجاهل يستحب تعليمه السنة، فكما استطاع تعلم قراءة الصلاة، ودعاء الاستفتاح، وأذكار التشهد والركوع والسجود، فكذلك يستطيع أن يتعلم أذكار الصلوات، وليس الجهل عذرًا لإحداث صفة غير مشروعة، فإذا لم يقدر على تعلم السنة كان هذا عذرًا في ترك هذه الأذكار؛ لأن العجز عذر في إسقاط الواجب، فكيف في ترك السنة، وترك المستحب أولى من الوقوع في البدعة، والدعاء بعد الصلاة مشروع بما ورد على الصحيح، وهي أدعية قليلة يقدر عليها عامة الناس، وعلى القول باستحباب مطلق الدعاء بعد الفراغ من الصلاة فإنه يكفي العبد أن


(١) انظر: الاعتصام للشاطبي (ت الهلالي) (١/ ٣٦٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>