للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

قعد في مكانه، إلا أنه يكره له المكث على هيئته مستقبل القبلة.

وقال نحوه النخعي وأبو مجلز، وأحمد في رواية، وبه قال الماوردي من الشافعية (١).

ونقل ابن رجب في شرح البخاري عن أحمد أنه إذا صلى بالناس الصبح جلس حتى تطلع الشمس، فأما جلوسه بعد الظهر، فقال أحمد: لا يعجبني.

قال القاضي أبو يعلى: «ظاهر كلامه أنه يستحب بعد الصلاة التي لا يتطوع بعدها، ولا يستحب بعد غيرها.

قال: وروى الخلال بإسناده عن عابد الطائي، قال: كانوا يكرهون جلوس الإمام في مصلاه بعد صلاة يصلي بعدها، فإذا كانت صلاة لا يصلى بعدها، فإن شاء قام، وإن شاء جلس» (٢).

كل ذلك يدل على أن هذه الأذكار لا يتعين لها مكان، فإن شاء الإمام انصرف، وذكر الله، قال في تحفة المحتاج: «وانصرافه لا ينافي ندب الذكر له عقبها؛ لأنه يأتي به في محله الذي ينصرف إليه» (٣).

وهذا يدل على أن الإمام يذكر الله وحده. وإن شاء الإمام مكث في مصلاه بعد أن ينفتل عن القبلة، ويذكر الله وحده.

قال ابن حجر: « .... يتشاغل الإمام ومن معه بالذكر المأثور، ولا يتعين له مكان، بل إن شاءوا انصرفوا، وذكروا، وإن شاءوا مكثوا» (٤).

فلا تجد عن الأئمة المتبوعين من يقول: يدعو الإمام والجماعة تؤمن.

ولم أذكر هذه الأقوال الفقهية في معرض الأدلة استدلالًا بها، وإنما لأبين ما فهمه السلف من حديث أم سلمة، وحديث عائشة في سرعة انصراف النبي


(١) البحر الرائق (٢/ ٣٥)، بدائع الصنائع (١/ ١٥٩)، مراقي الفلاح (ص: ١١٨)، الاختيار لتعليل المختار (١/ ٦٦)، شرح البخاري لابن بطال (٢/ ٤٦٢)، الحاوي الكبير للماوردي (٢/ ١٤٨)، فتح الباري لابن رجب (٧/ ٤٣٨).
(٢) فتح الباري لابن رجب (٧/ ٤٣٨).
(٣) تحفة المحتاج (٢/ ١٠٥).
(٤) فتح الباري (٢/ ٣٣٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>