للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

• وتعقب هذا:

ترك السلف لهذا العمل لا يدل إلا على جواز الترك، وإما أن يفيد التحريم أو الكراهة فلا، لا سيما فيما له أصل كالدعاء، فإن صح أن السلف لم يعملوا به فإنه بدعة حسنة، فقد عمل السلف بما لم يعمل به من قبلهم مما هو خير، كجمع المصحف، ثم نقطه وشكله، ثم نقط الآي … (١).

• ويجاب:

الاعتراض بجمع المصحف لا يصح، ذلك أن النبي أمر بكتابة الوحي، ولا فرق بين أن يكتب مفرقًا، أو مجموعًا، وكذلك جمع عثمان الأمة على مصحف واحد، وأجمع الصحابة على ذلك، وكيف يقاس ما أجمع عليه الصحابة بما أنكروه كما سبق بيانه عن عمر ، وابن مسعود وغيرهما، فهل لكم قدوة من الصحابة، أو من التابعين، أو من أصحاب القرون المفضلة، أو نقل مثل ذلك عن أحد من الأئمة الأربعة؟ فإذا لم تجدوا ذلك فاعلموا أن هذا حدث في العبادة، وبدعة ما أنزل الله بها من سلطان، وقد أكمل الله لنا دينه.

قال تعالى: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا﴾ [المائدة: ٣].

فما لم يكن يومئذ دينًا، فلا يكون اليوم دينًا. ولو صح الاعتراض بمثل اعتراضكم لأمكن كل مبتدع أن يحتج بمثل هذه الاحتجاجات لبدعته، وأن يجعل من حدثه بدعة حسنة.

وكذلك يقال في نقط المصحف وشكله، فإنه كان مسكوتًا عنه في زمانه ؛ لعدم الحاجة إليه، لأن العرب قليل ويعرفون القراءة بلا نقط أو تشكيل فلما توسعت البلاد زمن التابعين ووقع اختلاف في القراءة صار نقط المصحف وتشكيله لصيانة القرآن من اللحن والتحريف، وهذا واجب شرعًا فكان ذلك من المصالح المرسلة والتي تحقق مقصودًا شرعيًا متفق عليه، بخلاف إحداث صفة في


(١) انظر: المعيار المعرب (٦/ ٣٧٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>