للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

فضائلها فهو غير جائز، وإن كان مع السلامة من ذلك فهو باق على حكم أصل الدعاء، والدعاء عبادة شرعية، معلوم فضلها من الشريعة، اختار هذا بعض المالكية (١).

وقول أبي سعيد بن لب وابن عرفة رحمهما الله لا يتفق مع مذهب الإمام مالك، ولا مع أصول وقواعد المذهب، وإنما هي أقوال لأصحابها، وقد كشف الشاطبي بدعية هذه الصفة وحذر منها وتحمَّل في سبيل ذلك ما تحمَّل من علماء عصره حتى نسب إلى الجهل والحمق، واتُّهم بسبب ذلك أنه يقول: إن الدعاء لا فائدة منه، ونسب إلى الانتساب إلى الرافضة؛ بسبب أنه لا يرى من أذكار الصلاة الترضي على الصحابة، وهي قصة تتكرر في كل عصر يتعرض لها كل من يدعو إلى التمسك بالسنة، وإلى ترك ما ألفه الناس من العادات البدعية التي تنسب إلى الشريعة، وليست منها.

وأجاز الإمام أحمد: أن يدعو شخص، ويؤمن الجماعة إذا لم يكن عن عمد، ولم يتخذ عادة.

قال الكوسج للإمام أحمد: يكره أن يجتمع القوم يدعون الله ، ويرفعون أيديهم؟.

قال: ما أكرهه للإخوان إذا لم يجتمعوا على عمد إلا أن يُكْثِروا. قال إسحاق بن راهويه كما قال، وإنما معنى: إلا أن يكثروا، يقول: أن لا يتخذونها عادة حتى يعرفوا به (٢).

وقد ينتقد هذا:

بأن الإمام أحمد ما قال هذا في دعاء الصلاة والتأمين عليه، وهو قد وردت السنة في صفته، وإنما قاله في الدعاء العارض، وهو يدخل في الذكر المطلق، والمطلق أوسع من الذكر المقيد، فتأمل.

فخَلُص في المسألة أربعة أقوال:

أحدها: لا يشرع مطلقًا، وهو قول أكثر الأمة.

الثاني: يشرع مطلقًا، قاله بعض متأخري الحنفية، وبعض المالكية خلافًا


(١) شرح المنهج المنتخب إلى قواعد المذهب (٢/ ٦٩٧).
(٢) مسائل الإمام أحمد وإسحاق رواية الكوسج (٩/ ٤٨٧٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>