قد استعمل معه أداة النفي (لا صلاة)، فهل كانت دلالتهما الشرعية متفقة اعتمادًا على اتفاقهما في الدلالة اللغوية؟.
وقل مثل ذلك في نفي القبول عن العمل: فحديث: (لا تقبل صلاة بغير طهور)، ونفي القبول عن صلاة الآبق ومن أتى عرافًا فصدقه، كلاهما استعمل معه نفي القبول، فهل كانت دلالتهما الشرعية واحدة؛ لاتفاقهما في الدلالة اللغوية؟.
وقد كنت ذكرت لكم عند الكلام على حكم تحية المسجد: أن على طالب العلم ألا ينزع الحكم من دليله حتى يكون محاطًا بنور من فهم الأئمة، ولا ترع سمعك لمن يقول لك: أقول لك قال رسول الله ﷺ وتقول: قال فلان وفلان، فإنما هذا رجل يدعوك لتقدِّم فهمه هو لكلام الرسول ﷺ على فهم الصحابة، والتابعين، والقرون المفضلة، فالسلف أعلم بدلالات النصوص، ومعاني الألفاظ وأحكم في معرفة مقاصد الشريعة، وإن طالب العلم أوثق لدينه، وأحكم لفقهه أن يقدم فهم الأئمة للأدلة على فهمه هو، أو فهم متأخر لم يتجاوز في نظره لحكم النص على دلالة النص اللغوية، ولم يكلف نفسه النظر إلى عمل الصحابة، وهم أهل اللسان، وفهم الأئمة من أصحاب القرون المفضلة، وهم أهل الفقه والاستنباط، وإن اللغة العربية هي إحدى الأدوات لفهم النص، وليست الأداة الوحيدة، فالمعنى الشرعي قد يكون أخص أو أعم من المعنى اللغوي، كما ذكرته لك عند الخلاف في معنى اشتمال الصماء، وكما أكدته لك عند كلامي على جراءة بعض المعاصرين في تحريم الأخذ من اللحية احتجاجًا بدلالة (أعفوا اللحى) اللغوية، وكما حصل انحراف المرجئة في تفسير الإيمان استنادًا إلى الحقيقة اللغوية، وكما وقع الخوراج في بدعتهم في تخليد صاحب الكبيرة لظواهر بعض النصوص القرآنية، بل إنك تجد لفظًا واحدًا في القرآن له أكثر من دلالة، كالفسق يطلق أحيانًا ويراد به الكفر،، كقوله تعالى: