قال ابن رجب تعليقًا: وهذا الذي ذكره الخطيب حق. ونجد كثيرًا ممن ينتسب إلى الحديث، لا يعتني بالأصول الصحاح كالكتب الستة ونحوها، ويعتني بالأجزاء الغريبة، وبمثل مسند البزار، ومعاجم الطبراني، وأفراد الدارقطني، وهي مجمع الغرائب والمناكير». وقال المعلمي كما في النكت الجياد (١/ ١٣٧): «ويلتحق بما ذكره ابن رجب: كتبُ الضعفاء، ككتاب العقيلي، وابن حبان، وابن عدي، وكتاب (الحلية) لأبي نعيم، (ومسند الفردوس) للديلمي، وأغلب ما يُساق في تراجم الرواة من كتب التواريخ مثل: (تاريخ الخطيب)، والحاكم، وابن عساكر، وغيرها، وكتابيّ أبي الشيخ وأبي نعيم في الأصبهانيين، وغيرها من كتب تواريخ البلدان، وطبقات الرواة، وكتب (الفوائد)، والأجزاء الحديثية. وهؤلاء وغيرهم إنما قصدوا جمع غرائب الأحاديث، وأوهام الرواة، وراموا جمع ما لم يكن مخرجًا في كتب الصِّحاحِ والأُصُولِ المعروفة، وإنما كانت تلك الأحاديث متداولةً على ألسنةِ من لم يكْتُبْ حديثَه المحدثون، فهجروها عمدًا ولم يخرجوها في كتبهم ..... وقد أضلّ هذا القسمُ قومًا مِمّنْ لم يتدبروا ما سلف من مناهج الأئمة والمصنِّفين، فاغْترُّوا بكثرة الطُّرقِ الواردةِ في تلك المصنفاتِ، وحسِبُوا أنهم وقفوا على ما لم يقفْ عليه المتقدمون، فسمُّوا تلك الطرق (متابعاتٍ وشواهد) فجعلوا الغرائب والمناكير عواضِد يشدُّون بها ما اسْتقرّ أهلُ النّقْدِ على طرْحِهِ ووهنِهِ. ولم يفْطِنْ هؤلاءِ القومُ إلى أن عُصُور الرواية قد انقضتْ وتلك الأحاديثُ في عُيون النقاد غريبةٌ منكرةٌ مهجورةٌ. فلم ينصفْ هؤلاءِ أسلافهم ولم يقدرُوهم قدرهم، بل دلّ صنيعهم على اعتقاد أنهم قصّرُوا في تحصيلِ تِلْك الطرق، ولم يفطنوا إلى منهج أولئك المصنِّفين في أنهم ما أخرجوا تلك الطرق للاحتجاج ولا للاعتبار». وفيه علة أخرى، ففي إسناده: الفضيل بن سليمان النميري، وإن روى له الشيخان خاصة البخاري فقد تُكُلِم فيه، قال فيه يحيى بن معين: ليس بثقة. وقال الآجري، عن أبي داود: كان عبد الرحمن لا يحدث عنه. وقال أبو حاتم الرازي: ليس بالقوي. وقال النسائي كما في السنن الكبرى (٣/ ٤٤): فضيل بن سليمان هذا كان يحيى بن معين يضعفه، وكان علي بن المديني يحدث عنه، وقول يحيى عندنا أولى بالصواب؛ لأنا وجدنا عند فضيل بن سليمان أحاديث مناكير، وبالله التوفيق. وسئل أبو زرعة عن فضيل بن سليمان، فقال: لين الحديث، روى عنه علي بن المديني وكان من المتشددين. اه =