للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

ويراد بها القيام بركوعه وسجدتيه، فإذا قيل: الظهر أربع ركعات لم يكن ذلك نصًا على التشهد والسلام كما أنه لو قال: أربع ركعات بتشهدين، وسلام لا يكون ذكر التشهدين والسلام تكرارًا لقوله: أربع ركعات، ويحتمل أنه أطلق الركعتين وأراد بها الصلاة، فإذا احتمل هذا كان قوله: (ثم يصلي ركعتين فيستغفر الله ﷿ ليس نصًا أن ذلك بعد السلام، فيحتمل أن يكون الاستغفار في موضع التشهد، وهو يصدق على أنه بعد الركعتين، وهو موضع دعاء بالاتفاق، وحمله عليه أولى، ويؤيد ذلك أنه لم ينقل عن الصحابة رضوان الله عليهم الدعاء بعد الانصراف من النوافل.

الوجه الثاني:

لو سُلِّمَ صحة الدليل والاستدلال، فإن هذا الدعاء خاص بمن وقع منه ذنب، فأحدث توبة، فهو كدعاء الاستخارة على القول بأنه بعد الصلاة، ولهذا أطلق بعض العلماء على هاتين الركعتين صلاة التوبة، ولا يلزم منه الاستدلال على مشروعية الدعاء مطلقًا بعموم النوافل، وعموم الأوقات والأحوال، فالدليل أخص من المدلول.

الدليل الرابع:

(ح-٢٠٦١) ما رواه البخاري من طريق عبد الرحمن بن أبي الموالي، قال: سمعت محمد بن المنكدر يحدث عبد الله بن الحسن، يقول:

أخبرني جابر بن عبد الله السلمي، قال: كان رسول الله يعلم أصحابه الاستخارة في الأمور كلها، كما يعلمهم السورة من القرآن، يقول: إذا هَمَّ أحدكم بالأمر، فليركع ركعتين من غير الفريضة، ثم ليقل: اللهم إني أستخيرك بعلمك وأستقدرك بقدرتك .... الحديث (١).

فقوله: (فليركع ركعتين … ثم ليقل) ظاهره أي بعد الصلاة.

والجواب عنه نفس الجواب السابق، أن الركعة إذا أطلقت يحتمل أنه يراد بها القيام بركوعه وسجدتيه، ويحتمل أنه أراد بالركعتين الفراغ منهما، وقد قطعت الأدلة الصحيحة أن آخر التشهد موضع للدعاء المقيد والمطلق، فلتحمل عليه، والله أعلم.

وعلى افتراض الاحتمال الثاني، فإن هذه صلاة خاصة، لها دعاء خاص،


(١) صحيح البخاري (٧٣٩٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>