للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

الصغير فتوالي الأذان فيه أبلغ من جمعه بحسب الوقت» (١).

القول الثاني:

ذهب الحنفية إلى أن القرعة ليست حجة لإثبات حق بعض المؤذنين، وإبطال حق بعضهم، وإنما هي لدفع التهمة، كإقراع المسافر بين نسائه؛ لإخراج من يسافر بها منهن دفعًا لتهمة الميل عن نفسه، وإن كان له أن يسافر بمن شاء (٢).

وقال العيني في نخب الأفكار: «القرعة إذا أريد بها تطييب القلوب، ودفع التهمة كان ذلك حسنًا، ونحن نقول به أيضًا، وإذا أريد بها وجوب حكم، أو قطع حق فلا نقول بها حينئذٍ؛ لأن هذا إنما كان، ثم نُسِخَ، فافهم» (٣).

وقال ابن الهمام: وحديث القرعة كان في ابتداء الإسلام وقت إباحة القمار، ثم نسخ بحرمة القمار (٤).

وإذا كان الحنفية لا يرون حجية القرعة ينظر في قولهم في مسألة التنازع في الأذان.

* ويناقش:

لا يصح دعوى نسخ القرعة بتحريم القمار، فإن هناك فرقًا بين القرعة المشروعة، والقمار المحرم.

وقد ذكر المُعَلِّمِي في التنكيل: أربع صور للقرعة

الصورة الأولى: أن يقصد بها إبطال حق صاحب الحق، وجعله لمن لا يحق له، كأن يقول الرجل لصاحبه: أَلْقِ خاتمك، وألقي خاتمي، ونقترع عليهما، فأينا خرج سهمه استحق الخاتمين، أو يقول أحدهما: أقارعك على خاتمي هذا، فإن خرج سهمك أخذته أنت، أو يتداعيا دارًا في يدهما، فيقال: أقرعوا بينهما، فإن خرج سهم المدعي أخذ الدار.

الصورة الثانية: أن يتنازعا حقًّا أن يكون لهما معًا، ولا دليل يرجح جانب


(١) الذخيرة للقرافي (٢/ ٥٠).
(٢) جاء في فيض القدير (٧/ ١٥): والمشهور عن أبي حنيفة إبطالها. فيض الباري شرح البخاري (٢/ ٢١٥)، النتف للفتاوى للسغدي (٢/ ٦٢٠)، المبسوط (٥/ ٢١٩)، بدائع الصنائع (٢/ ٣٣٣).
(٣) نخب الأفكار في شرح معاني الآثار (١٦/ ١٩٤).
(٤) فتح القدير (٨/ ٢٤٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>