للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

• ويجاب عن ذلك

أن هذا الأثر ظاهره معارض لما روته عائشة نفسها في الصحيحين مرفوعًا: (أن بلالًا يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم)، وله شاهد من حديث ابن عمر، وابن مسعود في الصحيحين.

فإن كان المسلك هو الترجيح، فله وجهان:

أحدهما: أن ما في الصحيحين أرجح، وقد اجتمع في الترجيح عاملان، الكثرة، وهي عامل ترجيح، وكون الرواية في صحيح البخاري ومسلم، بخلاف ما رواه أبو إسحاق، عن الأسود، عن عائشة، فإن البخاري ومسلمًا أعرضا عنها.

الثاني: من وجوه الترجيح أن قولها: (وما كانوا يؤذنون حتى ينفجر الفجر) لفظ شاذ من قول عائشة، والمحفوظ أنه من قول الأسود، فلا حجة فيه، وقد بينت وجه شذوذه من خلال التخريج.

وإن كان المسلك هو الجمع، فسبيله: أن يقال: إن المنفي من قولها غير المثبت، فهي تنفي الأذان قبل الفجر لصلاة الصبح، وتثبت الأذان لبلال قبل الفجر، بدليل أن يونس وإسرائيل قد جمعا بين ما نفته وما أثبتته، فسقطت دعوى التعارض.

(ح-١٢٥) فقد رواه الإمام أحمد من طريق يونس عن أبي إسحاق، عن الأسود، قال: قلت لعائشة أم المؤمنين: أي ساعة توترين؟ لعلها قالت: ما أوتر حتى يؤذنوا، وما يؤذنون حتى يطلع الفجر، قالت: وكان لرسول الله مؤذنان: بلال وعمرو بن أم مكتوم، فقال رسول الله : إذا أذن عمرو فكلوا واشربوا، فإنه رجل ضرير البصر، وإذا أذن بلال فارفعوا أيديكم، فإن بلالًا لا يؤذن كذا قال: حتى يصبح (١).

ويونس وإن كان في روايته عن والده ضعف، فقد تابعه إسرائيل عن أبي إسحاق.

فأثبتت الأذان قبل الفجر لابن أم مكتوم مع قولها: (وما يؤذنون حتى يطلع الفجر)، فكان نفيها متوجهًا للأذان الذي ينادى به للاجتماع لصلاة الصبح، وليس


= ومخالفتها لما رواه عامة أصحاب شعبة حيث رووه بالشك، والله أعلم بالصواب.
(١) انظر تخريجه في العزو السابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>