للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


=
غيره من أصحاب شعبة، كمحمد بن جعفر (غندر)، والشك إن كان علة فهو يؤثر على روايته وحده، ولا سبيل إلى تعليل رواية منصور، وهو لم يقع منه شك، ولم يختلف عليه في لفظه، إلا أن يقال: إن إعلال رواية منصور جاء من مخالفتها ثلاثة أحاديث، كلها في الصحيحين كحديث عائشة، وابن عمر، وحديث ابن مسعود، وهؤلاء اتفقوا على أن الذي يؤذن بليل هو بلال.
وأما ترجيح رواية الجزم بأن الذي يؤذن بليل هو بلال:
هذه الرواية رواها ثقتان عن شعبة، أبو الوليد الطيالسي، وعمر بن مرزوق، ويكفي في ترجيحها أنها موافقة لرواية الصحيحين، من مسند عائشة، وابن عمر، وابن مسعود، وهذا ما سلكه ابن عبد البر، وابن القيم، وابن الجوزي.
قال ابن القيم في إعلام الموقعين (٢/ ٢٦٢): «وأما حديث أنيسة فاختلف عليها في ثلاثة أوجه … فذكرها، ثم قال: والصواب رواية أبي داود الطيالسي، وعمرو بن مرزوق؛ لموافقتها لحديث ابن عمر، وعائشة».
وأما ترجيح رواية الجزم بأن الذي يؤذن بليل هو ابن أم مكتوم:
وجه ترجيحها أنها موافقة لرواية منصور بن زاذان، ومنصور لم يختلف عليه في روايته، وشعبة ومنصور روياه عن خبيب، فكان تقديم رواية شعبة الموافقة لرواية منصور أولى من تقديم رواية شعبة الموافقة لروايات أخرى من مسند عائشة أو ابن عمر، مع اختلاف الإسناد، فالترجيح من داخل إسناد الرواية أولى من الترجيح من إسناد مختلف، فالرواية التي يتفق فيها شعبة ومنصور بالرواية عن خبيب أولى من رواية تثبت اختلافهما؛ لهذا أستطيع أن أقول: إن المحفوظ من حديث أنيسة: (إن ابن أم مكتوم يؤذن بليل … )، هكذا رواه منصور جازمًا به، وهو ثقة، وأما شعبة فيقبل من روايته ما وافق رواية منصور، ويطرح الباقي لعلة الشك، والله أعلم.
ثم إذا خلصنا إلى أن هذا هو المحفوظ من حديث أنيسة، وطرحنا ما خالف ذلك، فلا حرج أن يكون هناك بعد ذلك ترجيح بين رواية أنيسة: (أن ابن أم مكتوم يؤذن بليل)، وبين رواية عائشة، وابن عمر، وابن مسعود (أن بلالًا يؤذن بليل) ولا شك أن رواية أنيسة لا تقوى على مخالفة هذه الأحاديث الثلاثة، وكلها في الصحيح.
هذا ما أستحسنه في طريقة تخريج حديث أنيسة، ولم أجد من الصواب إعلال الحديث بمجرد شك شعبة، مع أن منصورًا رواه بلا شك، وتوجد رواية لشعبة توافق رواية منصور، ولا من الصواب أيضًا ترجيح ما رواه شعبة موافقًا لحديث عائشة، وابن عمر، مع مخالفتها لرواية منصور، =

<<  <  ج: ص:  >  >>