للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


=
عن أبي إسحاق، عن الأسود بن يزيد،
قال: قلت لعائشة أم المؤمنين: أي ساعة توترين؟ قالت: ما أوتر حتى يؤذنوا، وما يؤذنون حتى يطلع الفجر، قالت: وكان لرسول الله مؤذنان: بلال وعمرو بن أم مكتوم، فقال رسول الله : إذا أذن عمرو فكلوا واشربوا، فإنه رجل ضرير البصر، وإذا أذن بلال فارفعوا أيديكم، فإن بلالًا لا يؤذن كذا قال: حتى يصبح.
فهذه أم المؤمنين أثبتت الأذان قبل الفجر مع قولها: (وما يؤذنون حتى يطلع الفجر)، فكان نفيها متوجهًا للأذان الذي ينادى به لصلاة الصبح، وليس للأذان مطلقًا، وإلا اعتبر آخر الكلام ينقض أوله.
ويونس وإن كان في روايته عن أبيه كلام، فقد تابعه إسرائيل.
فأخرجه الإمام إسحاق بن راهويه (١٥٢٢، ١٥٢٣)، من طريق وكيع، ومن طريق المصعب ابن المقدام.
وابن خزيمة (٤٠٨) من طريق عبيد الله بن موسى، ثلاثتهم عن إسرائيل، عن أبي إسحاق به، بلفظ: (كان لرسول الله ثلاثة مؤذنين: بلال، وأبو محذورة، وعمرو بن أم مكتوم) هذا لفظ وكيع. زاد المصعب وعبيد الله بن موسى: فقال رسول الله : إن ابن أم مكتوم ضرير، لا يغرنكم أذانه، فكلوا واشربوا، فإذا أذن بلال فلا يطعمن أحد).
فتبين بهذا أنه لا حجة للحنفية بقولهم: (وما كانوا يؤذنون حتى ينفجر الفجر) لأنها أثبتت أن ابن أم مكتوم يؤذن قبل صلاة الصبح، فسقط الاحتجاج.
وأعله ابن خزيمة بالعنعنة، فقال في صحيحه (١/ ٢١٢): أما خبر أبي إسحاق، عن الأسود، عن عائشة، فإن فيه نظرًا؛ لأني لم أقف على سماع أبي إسحاق هذا الخبر من الأسود». اه والتعليل بالعنعنة فيه تأمل، خاصة أن شعبة روى بعضه عن أبي إسحاق، والمتن ليس بالمنكر، فكون الرسول له مؤذنان هذا ثابت في الصحيحين من مسند ابن عمر وعائشة.
وإذا كان هناك ما يعتبر مخالفة من أبي إسحاق، هو أن حديث عائشة في الصحيحين ولفظه: (إن بلالًا يؤذن بليل) وهذا الحديث عكس الأمر، والخطب سهل، لأنه لا يبنى عليه حكم أكان الأول هذا أم ذاك؟ وإن كنت أرجح أن الحديث مقلوب.
قال الحافظ ابن رجب في شرح البخاري (٥/ ٣٣٦): «والأظهر والله أعلم أن هذا اللفظ ليس بمحفوظ، وأنه مما انقلب على بعض رواته». واختاره ابن القيم في إعلام الموقعين (٢/ ٢٦٣).
وقال ابن عبد البر: والمحفوظ والصواب إن شاء الله رواية: إن بلالًا ينادي بليل. وتبعه الحافظ جمال الدين المزي. انظر البدر المنير (٣/ ٢٠٣)، وطرح التثريب (٢/ ٢١٠)، ورجح القلب ابن حجر في الفتح (٢/ ١٤٦). =

<<  <  ج: ص:  >  >>