للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

حتى يطلع الفجر) من قول عائشة، ومرة يرويها من كلام الأسود، وهو المحفوظ] (١).


(١) ظاهر الأثر عن عائشة أنه لم يكن يؤذن لصلاة الصبح قبل وقتها، فإن أخذنا بظاهر هذا الأثر كان ذلك معارضًا لما روته عائشة في الصحيحين مرفوعًا عن النبي : إن بلالًا يؤذن بليل، فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم .... انظر: البخاري (٦٢٢)، ومسلم (١٠٩٢).
فهذا صريح أن بلالًا كان يؤذن لصلاة الفجر قبل وقتها. وله شاهد من حديث ابن عمر في الصحيحين أيضًا، ومن مسند ابن مسعود فيهما. فلا يمكن معارضة الأحاديث المرفوعة الصريحة بظاهر هذا الأثر الموقوف.
فمن سلك مسلك الترجيح سيأخذ بأحاديث الصحيحين المرفوعة على حديث فرد موقوف، مرويًّا خارج الصحيح.
وإن لم نعتبر ذلك معارضًا تعين الجواب بين لفظ: (ما كانوا يؤذنون حتى ينفجر الفجر) وبين رواية عائشة المرفوعة: (إن بلالًا يؤذن بليل .... ).
ويظهر لي في ذلك جوابان:
الجواب الأول: أن هذه اللفظة ليست من قول عائشة، وإنما هي مدرجة من كلام ا لأسود.
فقد رواه أبو إسحاق، واختلف عليه فيه:
فرواه ابن أبي شيبة (٢٢٢٣) من طريق منصور.
وأبو نعيم في كتاب الصلاة (٢١٩) من طريق زهير بن معاوية، كلاهما عن أبي إسحاق، عن الأسود عن عائشة، قالت: ما كانوا يؤذنون حتى يطلع الفجر.
فهنا (منصور، وزهير) روياه من قول عائشة . وزهير روى عن أبي إسحاق بعد تغيره.
وخالفهما شعبة، والثوري، وهما من قدماء أصحاب أبي إسحاق، فرويا هذه اللفظة من قول الأسود، وليس من قول عائشة.
أخرجه الطحاوي في شرح معاني الآثار (١/ ١٤٠) من طريق شعبة، عن أبي إسحاق، عن الأسود، قال: قلت: يا أم المؤمنين متى توترين؟ قال: إذا أذن المؤذن. قال الأسود: وإنما كانوا يؤذنون بعد الصبح.
وتابعه على ذلك سفيان الثوري، أخرجه عبد الرزاق في المصنف (٤٦٢٨)، عنه، عن أبي إسحاق، عن الأسود، قال: سألت عائشة متى توترين؟ قالت: بين الأذان والإقامة. قال: وما يؤذنون حتى يصبحوا.
الجواب الثاني: أن المنفي في قولها (وما كانوا يؤذنون حتى ينفجر الفجر) غير المثبت، في قولها: (إن بلالًا يؤذن بليل … ) فهي تنفي الأذان قبل الفجر لصلاة الصبح، والأذان المثبت أن بلالًا كان يؤذن بليل، لم يكن للصلاة، وإنما كان للتأهب لفعلها، ويؤيد ذلك أن يونس وإسرائيل رويا الحديث عن أبي إسحاق، فجمعوا بين اللفظين، وهذا يثبت عدم تعارضهما.
فقد روى أحمد (٦/ ١٨٥)، وابن خزيمة (٤٠٧)، من طريق يونس بن أبي إسحاق، =

<<  <  ج: ص:  >  >>