وهيهات أن تسول لأحد نفسه بأن يقول: قالوا .. وقلت، ولكن إذا اختلفوا، أو كان الكلام عن واحد منهم، فربما صح له ذلك مع الحذر الشديد، والتقليب الرشيد، خشية أن يؤتى الإنسان من سوء فهمه لكلام المتقدمين، على أن يعارض كلامهم بمقتضى قواعدهم، لا يحاكمهم بقواعده هو، ولا يحاكمهم بما فهمه من قواعد المتأخرين ممن اشتغل بالأصول عن فهم طريقة أهل الحديث المتقدمين، فإن أكثر معارضة المتأخرين للمتقدمين تأتي من عدم فهم طريقتهم، ومعارضتها بالتنظير المجرد عن الممارسة. الطريق الثاني: عبد العزيز بن أبي رواد، عن نافع: رواه عبد العزيز بن أبي رواد، واختلف عليه أيضًا: فرواه ابن أبي شيبة في المصنف (٢٣٠٨) عن وكيع. عن ابن أبي رواد، عن نافع أن مؤذنًا لعمر … وهذا منقطع؛ لأن نافعًا لم يدرك عمر ﵁. قال الترمذي (١/ ٣٩٥): «وهذا لا يصح، لأنه عن نافع، عن عمر منقطع، ولعل حماد بن سلمة أراد هذا الحديث». وعبد العزيز بن أبي رواد، رجل عابد، وقد رمي بالإرجاء، واختلف في توثيقه، وأعدل ما قيل فيه، ما قاله الدارقطني في رواية: هو متوسط الحديث، وربما وهم. اه قال أحمد: ليس هو في التثبت مثل غيره. اه ورواه أبو داود (٥٣٣) ومن طريقه البيهقي في السنن الكبرى (١/ ٣٨٣)، والدارقطني (١/ ٢٤٤) من طريق شعيب بن حرب، عن عبد العزيز بن أبي رواد، أخبرنا نافع، عن مؤذن لعمر يقال له مسروح، أذن قبل الفجر، فأمره عمر، فذكر نحوه. فجعله من رواية مؤذن عمر، ومؤذن عمر مجهول، فإن حملت رواية (عن مؤذن عمر) على رواية وكيع (أن مؤذنًا لعمر) فتكون روايتا وكيع وشعيب متفقتين، وتكون علة الإسناد الانقطاع، حيث لم يدرك نافع عمر ﵁، وإن حملت على الاختلاف، فوكيع وشعيب كلاهما ثقة ثبت، والله أعلم. وخالفهما: عامر بن مدرك، وإبراهيم بن عبد العزيز بن أبي محذورة. فرواه الدارقطني (١/ ٢٤٤) من طريق عامر بن مدرك، حدثنا عبد العزيز بن أبي رَوّّاد، عن نافع، عن ابن عمر أن بلالًا أذن قبل الفجر فغضب النبي ﷺ، وأمره أن ينادي إن العبد نام. ورواه ابن أبي حاتم في العلل لابن أبي حاتم (٢/ ١٩٨)، والبيهقي في السنن (١/ ٣٨٣)، من طريق إبراهيم بن عبد العزيز بن أبي محذورة، عن عبد العزيز بن أبي رواد، عن نافع، عن ابن عمر، أن بلالًا أذن بليل، فقال له النبي ﷺ: ما حملك على ذلك؟ قال: استيقظت وأنا وسنان، فظننت أن الفجر قد طلع، فأذنت، فأمره النبي ﷺ أن ينادي بالمدينة ثلاثًا: إن العبد=