للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

• وأجاب الحنفية على هذا الاستدلال بعدة أجوبة:

الجواب الأول:

ادعى الحنفية أن الأذان الأول إنما كان للتسحير لا للوقت (١).

(ح-١١٨) فقد روى البخاري من طريق سليمان التيمي، عن أبي عثمان النهدي،

عن عبد الله بن مسعود، عن النبي قال: لا يمنعن أحدَكم أو أحدًا منكم أذانُ بلالٍ من سحوره، فإنه يُؤَذِّنُ أو ينادي بليل؛ ليرجع قائمكم؛ ولينبه نائمكم، وليس أن يقول الفجر أو الصبح … الحديث (٢).

فتبين منه أن أذان بلال إنما كان لأجل أن يرجع قائم الليل عن صلاته ويتسحر، ويستيقظ النائم فيتسحر، فهذا تصريح بكونه للتسحير، لا للفجر.

• ورد هذا من أكثر من وجه:

الوجه الأول:

أن الحديث يخبرهم أن أذان بلال ليس مانعًا من السحور، وليس فيه أن الأذان انعقد من أجل السحور، ولو كان الأذان للسحور، لقال: إن بلالًا يؤذن لسحوركم، وبينهما فرق، وإذا كان الخبر كما قال ابن مالك في الألفية:

والخبر الجزء المتم الفائدة ............

فلا بد في الخبر أن يحمل فائدة مجهولة للمستمعين، فالذي يظهر أن أذان بلال كان يقع قريبًا من وقت الفجر حتى خشي النبي أن يشتبه على الناس، فيمنعهم من إتمام سحورهم، لاعتقادهم أن الفجر قد طلع، فأخبرهم أن بلالًا يؤذن بليل، وأن ذلك لا يمنع الأكل والشرب، وليس الأذان من أجل التذكير بالأكل والشرب.

الوجه الثاني:

أن المقصود من الأذان لا يخرج عن ثلاثة احتمالات:

الاحتمال الأول: أن يكون الأذان للتذكير بالوتر، وهذا لا يصح، لأن الوتر من صلاة النافلة، و لا جماعة له حتى ينادى له بقوله: حي على الصلاة. قال ابن


(١) انظر فيض الباري على صحيح البخاري (٢/ ٢١٩).
(٢) البخاري (٦٢١)، ومسلم (١٠٩٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>