والصيام، فلا تأثير لرفض النية بعد الفراغ من العبادة إلا بناقض طارئ.
ومن نظر إلى بقاء حكمها: وهو استباحة كل فعل يشترط له الطهارة نظر إلى أن الطهارة في حكم المستدامة، فكان رفضها بمنزلة إبطال العبادة في أثنائه؛ لما فيه من الارتباط بين السبب والمسبب (١).
• ويناقش:
بأن فعل الطهارة ينتهي بالفراغ منها، ولهذا اختلف حكم المتطهر قبل فراغه من الطهارة وبعد فراغه منها، فحين كان يتطهر لم يكن بإمكانه استباحة ما تشترط له الطهارة، فإذا قطع نية الوضوء وهو يتطهر بطل الوضوء؛ لأنه قطع استصحاب نية الوضوء، وأما إذا فرغ منها كان له أن يصلي، ويمس المصحف، ويطوف، وهو دليل على فراغه من الطهارة، ولا يجب عليه استصحاب حكم نية الوضوء بعد الفراغ، وإذا كان كذلك، فلا يمكنه رفع نية الوضوء بعد فراغه منه، وكون أثر الطهارة باقيًا لا يعني أنه ما زال في حكم من يتوضأ، بل هذا دليل على فراغه من الوضوء كما تقدم؛ لأن أثر الطهارة لا وجود له في أثناء الوضوء حتى يفرغ منه، ولأن جميع الشروط يشترط أن يستمر عليها لفعل المشروط، والله أعلم.
• دليل من قال: يبطل قطع النية في أثناء الوضوء، ولا يبطل بعد الفراغ منه:
أما وجه البطلان في أثناء الوضوء:
فلأن النية شرط في العبادات كلها، فيجب استصحاب حكم نية العبادة من أول العبادة إلى آخرها، فإذا أبطل نية العبادة في أثنائها بطلت؛ لانقطاع النية المستصحبة، ولقوله ﷺ:(وإنما لكل امرئ ما نوى). متفق عليه، وهذا قد نوى رفض العبادة.
ولأن ارتكاب المفسد داخل العبادة يفسدها، ولم يُسْتَثْنَ من ذلك إلا الحج على الصحيح، وهكذا سائر العبادات، والله أعلم.
ولأنه إذا قطع النية في أثنائها بقي الباقي بغير نية، فبطل الباقي، وإذا بطل بعض العبادة بطل سائرها.
(١) انظر: تهذيب الفروق لمحمد بن علي بن حسين (٢/ ٣٧).