للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

فعلى القول بأن الحدث يرتفع عن كل عضو بانفراده، فإذا رفض النية في أثناء الوضوء لم يكن الرفض مبطلًا لما تم غسله، وارتفع حدثه، فهو بمنزلة رفض النية بعد الفراغ من العبادة، فإن رجع عن قرب، وأمكن البناء على أفعال الوضوء فقد ارتفع الحدث عن بقية الأعضاء، وإلا بطلت طهارته (١).

• ويناقش:

بأن القول بتفريق النية على أعضاء الوضوء، لا يعرف له أصل من الكتاب أو السنة، أو من كلام الصحابة.

وأما الخلاف في الحدث، وهل يرتفع عن كل عضو بانفراده، أو حتى يكمل الطهارة؟ فالراجح الثاني بدليل أنه لا يمس المصحف على القول بوجوب الطهارة لمسه بمجرد غسل يديه، ولا لبس الخف بمجرد غسل إحدى رجليه.

ولأن كل عبادة تشترط لها الطهارة يشترط لها كمالها، والله أعلم.

وأما اختيار ابن تيمية، وأنه يشترط لصحة ما مضى من الطهارة إذا قطع نية الوضوء أن ينوي تفريق النية على أعضاء الوضوء، ففيه نقاش:

فمن قال بتفريق النية على أعضاء الوضوء، قال: هو حاصل، ولو لم يشترط، التفريق، باعتبار أن استصحاب النية في كل أفعال الطهارة شرط لصحة الطهارة، وأن غسل كل عضو من أعضاء الوضوء هو على الاستقلال، كأفعال الحج.

ومن قال بعدم تفريق النية على أعضاء الوضوء منع منه، وإن نواه باعتبار أن


(١) حاشية الدسوقي (١/ ١٤٠)، منح الجليل (١/ ١٣٣) و (١/ ٨٦، ٨٧)، البيان والتحصيل (١/ ١٤٥، ١٤٦)، الشامل في فقه الإمام مالك (١/ ٥٧)، شرح المنهج المنتخب إلى قواعد المذهب (١/ ١٧٤)، جامع الأمهات (ص: ٤٥، ٤٦)، المنتقى للباجي (١/ ٩١)، مواهب الجليل (١/ ٦٨)، الذخيرة (١/ ٢٥٢) و (٢/ ١١٤).
قال خليل في التوضيح (١/ ٩٨): «واستشكل القرافي في قواعده القول بطهارة كل عضو بانفراده، قال: لأن المنع يتعلق بالمكلف لا بالعضو، فالمكلف هو الممنوع من الصلاة، لا أن العضو هو الممنوع من الصلاة، والمنع في حق المكلف باقٍ ولو غسل جميع الأعضاء إلا لمعة واحدة». وقال الحطاب في مواهب الجليل (١/ ٢١٠): «المشهور .... أنه لا يطهر إلا بغسل الجميع».

<<  <  ج: ص:  >  >>