وإنما كان كافرًا؛ لأن الرضى بكفر نفسه كفر بالإجماع، ولأن نية الاستدامة في الإيمان شرط.
ولا يؤاخذ بالوسواس القهري في الإيمان لما فيه من الحرج (١).
واختلفوا في غير الإيمان من العبادات:
فذهب الحنفية بأن رفض نية العبادة لا يبطلها مطلقًا، لا فرق بين النسك وغيره، في أثناء العبادة أو بعد الفراغ منها.
وطرد الظاهرية أصلهم، فلم يفرقوا بين العبادات، وإنما كان تفريقهم بين قطع النية في أثناء العبادة فيبطلها مطلقًا، لا فرق فيه بين النسك وغيره، وبين قطعها بعد الفراغ منها، فلا تأثير له مطلقًا.
وذهب الجمهور إلى التفريق بين النسك وبين غيره من العبادات، فقالوا: رفض نية الإحرام لا تأثير له مطلقًا، لا في أثناء النسك، ولا بعد الفراغ منه، وسيأتي إن شاء الله ذكر الأدلة، المهم الآن هو معرفة كلام الفقهاء في الإبطال من حيث الإجمال.
فانتهى الكلام في النسك إلى قولين: بين الجمهور الذي يرى أن النسك لا تأثير لرفض النية فيه مطلقًا.
وبين الظاهرية الذين يرون النسك كغيره، فإن كان في أثناء العبادة بطل، أو كان ذلك الرفض بعدها لم يبطل.
وأما الحنفية فذهبوا إلى أن رفض نية العبادة ليس مبطلًا لها مطلقًا، لا في أثناء العبادة، ولا بعدها، فلا حاجة للقول بأن الوضوء والغسل لا يفتقران إلى نية عند الحنفية، فلا تؤثر نية القطع؛ لأنهم لا يفرقون في الحكم بين ما يفتقر إلى نية وبين غيره، فالجميع عندهم لا يبطل إذا نوى قطعه بمجرد النية.
وبهذا نكون قد وقفنا على معرفة مذهب الظاهرية، ومذهب الحنفية، ومعرفة حكم قطع نية الإيمان والخلاف في النسك، وتوثيق الأدلة والأقوال سنأتي عليها إن شاء الله، المهم عندي قبل ذلك تصور الأقوال عند كل مذهب.