للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

الجمعة، فهو قول متجه.

وإن كانوا يريدون به حصول ثواب غسل الجمعة، فهذا لا يخلو من إشكال، كيف يترتب الثواب على غسل الجمعة مع أنه لم ينَوِهِ، وإنما الثواب مرتب على النية؛ لحديث: إنما لكل امرئ ما نوى، والله أعلم.

قال ابن رجب: .. «يحصل له إحدى العبادتين بنيتها، وتسقط عنه الأخرى» (١).

فعبر بالحصول عن الثواب لما نُوِيَ، وعبر بالسقوط عن الإجزاء لما لم يَنْوِ، والله أعلم.

[م-٤٠٢] ولو نوى غسل الجمعة، ونسي أن عليه جنابة، فهل يرتفع حدثه؟

قيل: لا يرتفع، وهو قول الجمهور، والأصح في مذهب الشافعية (٢).

• وجه هذا القول:

أن غير الواجب لا يقوم مقام الواجب، كما لو صلى نافلة فلا تنوب عن الفريضة.

ولأن الغسل ليس شرطًا في صحة الجمعة، فكأنه نوى بغسله ما ليس الغسل شرطًا في صحته، فلم يجزئه.

ولأن طهارة غسل الجمعة ليست عن حدث، وإنما هي للتنظيف، فلا يرتفع بها الحدث.

وقيل: يرتفع، اختاره مطرف، وابن الماجشون، وابن كنانة وابن نافع، وابن وهب، وأشهب من المالكية، وهو المشهور من مذهب الحنابلة (٣).

• وجه القول بالصحة:

بأن غسل الجمعة طهارة شرعية مأمور بها، مثاب عليها، ولا يوجد دليل على أن الغسل لا يجزئ حتى يكون شرطًا في العبادة، على أن غسل الجمعة قد قيل بوجوبه،


(١) القواعد (ص: ٢٥).
(٢) اختار المالكية بأنه إذا نوى الجمعة ناسيًا الجنابة، أو قصد بالجمعة أن تنوب عن الجنابة انتفيا، فلم يحصل له أي منهما، لا غسل الجنابة؛ لأنه لم ينوه، ولا غسل الجمعة؛ لأن غسل الجمعة لا يصح مع قيام الجنابة، ولأن غير الواجب لا يقوم مقام الواجب. انظر الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي (١/ ١٣٤)، التوضيح لخليل (١/ ١٠٥)، التاج والإكليل (١/ ٤٥٦)، منح الجليل (١/ ١٢٦)، الوسيط للغزالي (١/ ٢٥٤)، مختصر المزني (٨/ ١٠٣)، التنبيه للشيرازي (ص: ١٩)، حلية العلماء للقفال (٢/ ٢٤١).
(٣) عقد الجواهر الثمينة لابن شاس المالكي (١/ ٣٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>