للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

ولا منافاة بين المقصودين، فالطهارات مبناها على التداخل.

الدليل الخامس:

القياس على الرجل إذا أحرم بالصلاة ينوي بها الفرض والتحية.

فإن قيل: إن غسل الجمعة غسل مقصود بخلاف تحية المسجد (١).

فيقال: إن غسل الجمعة لا يقصد لذاته، لأنه طهارة لا يقصد بها رفع الحدث، ولا إزالة النجاسة وإنما قصد بها إزالة التفث، والرائحة الكريهة، وهو حاصل بمجرد غسل الجنابة، ولو لم يَنْوِ، وإنما طلبت النية لترتب الثواب، والله أعلم.

• وجه من قال: لا يجزئ عن واحد منهما:

أن المكلف مأمور بغسل تام للجنابة، وكذا الجمعة، وفي جعل الغسل مشتركًا لا يكون آتيًا بما أُمِرَ به في واحد منهما، والغسل لا ينقسم، فبطل عمله.

ولأن كل واحد منهما مقصود لذاته، فلا يتداخلان.

ولأن نية الفرض منافية لنية غسل الجمعة ومعنى التنافي أن الفرض لا يجوز تركه، والنفل يجوز تركه.

وليس هذا من التنافي بشيء، فالتنافي أن تكون نية أحدهما مبطلة لنية الآخر طاردة لها، كإرادة الآخرة والدنيا فيما يراد به الآخرة فقط.

فإن اعترض: بأن غسل الجنابة يجزئ عن الوضوء الواجب من غير أن ينويه، فكيف لا يجزئ عن غسل الجمعة، وهو سنة؟ فإذا أجزأ عن الأعلى، أجزأ عن الأدنى.

فالجواب: أن الوضوء بعض أجزاء الجنابة، والأقل تابع للأكثر، وغسل الجمعة في كل أعضاء الجنابة فافترقا، وقبل هذا وذاك ورود النص.

وقيل: يجزئه الغسل عن الجمعة دون الجنابة، اختاره بعض المالكية (٢).

• وجه هذا القول:

أن الغسل لما دخله التشريك أصبح ضعيفًا، فصح في أضعف الغسلين، وهو الجمعة.


(١) انظر كفاية النبيه (١/ ٥١١)، نهاية المحتاج (١/ ٢٣٠).
(٢) الذخيرة (١/ ٣٠٨)، التفريع (١/ ٤٦) ..

<<  <  ج: ص:  >  >>