(٢) جاء في البيان والتحصيل (١/ ٥٩): «روى أبو حامد الإسفراييني عن مالك: أن الغسل لا يجزيه إذا نوى به الجنابة والجمعة جميعًا، وهو بعيد شاذ». وبعض المالكية ذكر تفصيلًا يمكن من خلاله التوفيق بين ما في المدونة وبين هذا النص. قال خليل في التوضيح (١/ ١٠٤): ولو نوى الجنابة والجمعة ففيها -أي في المدونة- يجزئ عنهما. وفي الجلاب: ولو خلطهما بنية واحدة لم يجزه … اعلم أن لهذه المسألة صورتين: إحداهما: أن ينوي غسل الجنابة، وينوي به النيابةَ عن غسل الجمعة. فهذه الصورة لا خلاف فيها أنه يُجزئ لهما. والثانية: أن ينوي أن هذا الغسل للجنابة والجمعة، وهي المسألة التي ذكرها في الجلاب. ثم اختلف الشيوخ: هل ما في الجلاب مخالفٌ لما في المدونة؟ وإليه ذهب الأكثرون، وأن قوله في المدونة: (يُجْزِئُ عَنْهُمَا) أي: سواء أخلطهما أم لا. وذهب ابن العربي إلى أن مسألةَ المدونةِ محمولةٌ على الصورة الأولى، ويكون في كلِّ كتاب مسألةٌ غيرُ التي في الكتابِ الآخَرِ. ويؤيده قولُ ابنِ الجلاب، وهذ المسألة مخرَّجة غيرُ منصوصة، ذكرها الشيخ أبو بكر الأبهري، إِذْ لو كانت في المدونة لكانت منصوصةً. ويضعف قول بعضهم أنه لم يَطَّلِعْ على المدونة أو أنه نسي المسألة؛ لأنه من الأئمة الحفاظ». اه نقلًا من التوضيح. وانظر عقد الجواهر الثمينة لابن شاس المالكي (١/ ٣٠)، والتبصرة للخمي (١/ ١٤١)، التفريع (١/ ٤٦)، الذخيرة (١/ ٣٠٧، ٣٠٨)، المسالك في شرح موطأ مالك (٢/ ٢٢٨)، نهاية المطلب (١/ ٥٩). وانظر قول داود الظاهري في الفروع لابن مفلح (٣/ ١٨٢). وقال ابن حزم في المحلى، مسألة (١٩٥): «ومن أجنب يوم الجمعة، من رجل أو امرأة، فلا يجزيه إلا غسلان، غسل ينوي به الجنابة ولا بد، وغسل آخر ينوي به الجمعة ولا بد، فلو غَسَّلَ ميتًا أيضا لم يجزه إلا غسل ثالث».