بأن الرسول ﷺ أمر بالصلاتين: تحية المسجد، وصلاة الجمعة لمن دخل المسجد، فجلس والإمام يخطب يوم الجمعة مع أن سماع الخطبة واجب، فكون الإمام يقطع خطبته ويأمره بتحية المسجد بعد الجلوس دليل على كونها مقصودة.
ونهى عن الجلوس حتى يصلي ركعتين، والنهي آكد من الأمر، فدل على أن خصوصية الركعتين تحية للمسجد بحيث لا تتأدى بغيرهما.
ولأن الأصل أن العبادة لا تقوم مقام العبادتين.
• رد هذا الجواب:
بأن المقصود فلا يجلس حتى يصلي ركعتين، فالمنهي عنه انتهاك المسجد بالجلوس قبل أن يتقدمه صلاة، فلا خصوصية للركعتين، بل يتأدى ذلك بأي صلاة، فرضًا كانت أو راتبة، أو غيرهما، وإنما قد يتوجه البحث لو دخل المسجد فأوتر بركعة، هل يجزئ ذلك مع النص على الركعتين؟ وقد بحثت هذه المسألة في المجلد السابع، فانظره هناك يا رعاك الله.
وأما القول بأن العبادة لا تقوم مقام العبادتين، فهذا يسلم في عبادات مقصودة لذاتها، وأما العبادات التي تحصل بلا قصد فلا يمتنع تداخلها، كدخول طواف الوداع بطواف الإفاضة؛ لأن المقصود أن يكون آخر عهده بالبيت الطواف، وقد فعل، والله أعلم.
الدليل الثاني:
إذا كان الفرض لا يجزئ عن السنة الراتبة، فكذلك لا يجزئ عن تحية المسجد.
• ويناقش:
بأن تحية المسجد ليست مقصودة لذاتها، بخلاف الراتبة.
[م-٣٩٩] ومنها لو اغتسل الغسل الواجب أجزأ عن الوضوء؛ لأن الأصغر يندرج في الأكبر، وسبق بحث هذه المسألة في كتابي موسوعة الطهارة.
وكذلك لو نوى إحرامه للحج والعمرة جميعًا صح نسكه، وكانت أفعال النسك لهما، وهذان مثالان في الجمع بين فريضتين بنية واحدة.