للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

لم يَنْوِ. أو بالإجزاء، والثواب إن نواهما معًا على الصحيح، حيث أخذ الفقهاء من النصوص الشرعية قاعدة فقهية، فقالوا: لا ثواب إلا بنية (١).

وسيأتي أمثلة ذلك إن شاء الله تعالى مع تحرير الخلاف.

وتارةً يُبْطِل التشريك كلتا العبادتين، باعتبار أن التشريك بينهما مفسد لهما جميعًا، كما لو وقع التشريك بين نيتين متنافيتين، كالتشريك بين إرادة الله وإرادة المخلوق في عمل الآخرة.

(ح-٩٨٦) روى مسلم في صحيحه من طريق العلاء بن عبد الرحمن بن يعقوب، عن أبيه،

عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله : قال الله : أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملًا أشرك فيه معي غيري تركته وشركه (٢).

أو كان التشريك فيه بين عبادتين، كل واحدة منهما مقصودة للشارع بذاتها كالتشريك بين الظهر والعصر، وبين الفرض وراتبته، وبين الراتبة القَبْلِية والبَعْدِية.

وأما العبادات التي لا تقصد لذاتها، كتحية المسجد تسقط بالراتبة وبالفريضة، وكالجمع بين طواف الوداع والإفاضة، وكطواف العمرة يغني عن طواف القدوم، ولا تغني تحية المسجد عن الراتبة؛ لأن الراتبة أعلى منها، وهي مقصودة لذاتها.

وكذلك العبادات التي مبناها على التداخل، كالطهارة، فإن الصغرى تندرج


(١) الأشباه والنظائر للسيوطي (ص: ١٤).
حتى التروك كالزنا وشرب الخمر لا يؤجر الإنسان فيها بالترك المجرد إلا إذا كان مع ذلك نية في تركها.
قال الحموي في غمز عيون البصائر (١/ ٩٤): «لا يثاب المكلف على التروك إلا إذا ترك قصدًا، فلا يثاب على ترك الزنا إلا إذا كَفَّ نفسه عنه قصدًا».
وقال الزركشي في البحر المحيط (١/ ٣٨٥): لا يحصل الثواب على الكف إلا مع النية والقصد».
وقال ابن حجر في الفتح (١/ ٢١): «والتحقيق أن الترك المجرد لا ثواب فيه، إنما يحصل الثواب بالكف الذي هو فعل النفس، فمن لم تخطر المعصية بباله أصلًا ليس كمن خطرت فكف نفسه عنها خوفًا من الله تعالى».
وقال أيضًا (١/ ٢١): «الذي يحتاج إلى النية هو العمل بجميع وجوهه لا الترك المجرد».
(٢) صحيح مسلم (٢٩٨٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>