للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

الدليل الخامس:

الأصل بقاء ما كان على ما كان، فالنية إذا عقدها فقد امتثل الأمر، ويبقى هذا القصد صحيحًا باقيًا كالمقارن؛ حتى يقطعه، أو يأتي بما ينافيه، فالذهول عن النية ليس قطعًا لها، بل يبقى مستصحبًا حكمها، وكيف يتصور وجود عمل بلا نية، فلو سئل هذا الشخص عن عمله لأجاب على البديهة بلا توقف: أنه يريد صلاة الظهر، أو العصر.

والنية قسمها الفقهاء إلى قسمين:

نية فعلية موجودة: وهي النية التي يأتي بها الإنسان في أول العبادة، كنية الوضوء والصلاة والصيام ونحوها.

ونية حكمية: وذلك بإعطاء المعدوم حكم الموجود، فالإيمان إذا استحضره المؤمن في قلبه، فهذه نية فعلية، فإذا غفل عنه بعد ذلك حكم صاحب الشرع بأنه مؤمن، وله أحكام المؤمنين، وهو الإيمان الحكمي، ومثله الكفر ينقسم إلى فعلي وحكمي، والدليل على ذلك قوله تعالى: ﴿إِنَّهُ مَنْ يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِمًا﴾ [طه: ٧٤]، مع أنه يوم القيامة، لا يكون أحد مجرمًا، ولا كافرًا؛ لظهور الحقائق (١).

وذلك أن النية إذا أتى بها الإنسان، ثم ذهل عنها، فهي تسمى نية حكمية، بمعنى أن الشرع حكم باستصحابها، وهو ما يطلق عليه الفقهاء بقولهم: يجب استصحاب حكم النية، ولا يجب استصحاب ذكرها.

الدليل السادس:

إذا لم يكن هناك فرق بين الشرط المقارن والشرط المتقدم في العقود على الصحيح، فكذلك الشأن في عقود العبادات؛ لأن حكم الإرادات المعتقدة لا يزول إلا بفسخ تلك الاعتقادات.

الدليل السابع:

اشتراط المقارنة يؤدي إلى الوقوع في الوسواس المذموم شرعًا وطبعًا.

الدليل الثامن:

المقصود من النية تمييز العبادات عن العادات، وتمييز مراتب العبادات بعضها


(١) انظر: الفروق للقرافي (١/ ٢٠٠)، مواهب الجليل (١/ ٢٣٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>