للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

• ورد هذا:

بأن الصلاة في المقابر منهي عنها، والنهي يقتضي الفساد في أصح أقوال أهل العلم.

ولحديث عائشة: من عمل عملًا ليس عليه أمرنا فهو رد. رواه مسلم (١).

ورواه الشيخان بلفظ: من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد (٢).

والصلاة في المقبرة ليست من أمر الله، فهي مردودة: أي غير مقبولة.

• وأجيب على هذا الرد:

بأن الصلاة من أمر الله ورسوله، فليست ردًّا، وكونها في المكان المنهي عنه هو الذي ليس من أمر الله ورسوله، وقد علم أن الخلاف في المنهي إذا كان له جهتان:

إحداهما مأمور به منها: ككونه صلاة.

والأخرى منهي عنه منها: ككونه في موضع نهي، أو وقت نهي، أو أرض مغصوبة، أو بحرير، أو ذهب، ونحو ذلك.

فالجمهور يقولون: إذا انفكت جهة الأمر عن جهة النهي لم يقتض النهي الفساد، وإن لم تَنْفَكَّ عنها اقتضاه، ولكنهم عند التطبيق يختلفون:

فيقول أحدهم: الجهة هنا منفكة. ويقول الآخر: ليست منفكة كالعكس.

فيقول الحنبلي مثلًا: الصلاة في الأرض المغصوبة لا يمكن أن تنفك فيها جهة الأمر عن جهة النهي؛ لكون حركة أركان الصلاة كالركوع، والسجود، والقيام، كلها يشغل المصلي به حيزًا من الفراغ ليس مملوكًا له، فنفس شغله له ببدنه في أثناء الصلاة حرام، فلا يمكن أن يكون قربة بحال.

ويقول المعترض كالمالكي والشافعي: الجهة منفكة هنا؛ لأن هذا الفعل من حيث كونه صلاة قربة، ومن حيث كونه غصبًا حرام، فله صلاته، وعليه غصبه كالصلاة بالحرير (٣).


(١) صحيح مسلم (١٨ - ١٧١٨).
(٢) رواه البخاري (٢٦٩٧)، ومسلم (١٧ - ١٧١٨) من طريق سعد بن إبراهيم، عن القاسم، عن عائشة.
(٣) انظر أضواء البيان للشنقيطي (٢/ ٢٩٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>