للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

الأصل على الظاهر عند التعارض، فالأصل طهارة المقبرة، والظاهر نجاستها بأجزاء الميت، فقدم الأصل على الظاهر لقوته.

وسبق الجواب على أن العلة في النهي ليست النجاسة، ولو سلم فالنجاسة في باطن الأرض، فلا أثر لها، ولا تأثير.

• دليل من ذهب إلى كراهة الصلاة في المقبرة:

الدليل الأول:

استدل أصحاب هذا القول بالأدلة التي استدل بها أصحاب القول الأول القائلين بالتحريم إلا أنهم حملوها على الكراهة، والصارف عندهم عن التحريم أحد أمرين:

الأول: حديث جابر: وجعلت لي الأرض مسجدًا وطهورًا. متفق عليه (١).

فالحديث قرينة على أن النهي عن الصلاة في المقابر لا يراد منه التحريم بل الكراهة.

الأمر الثاني:

أن علة النهي عن الصلاة في المقابر، إما لكون المقابر مظنة النجاسة، كما هو توجه الشافعية، فلما كانت النجاسة غير متحققة حمل النهي في الأحاديث على الكراهة؛ ولأن الأصل طهارة الأرض حتى نتيقن النجاسة.

وإما لكون العلة: النهي عن التشبه بأهل الكتاب، كما هو توجه الحنفية، والأصل في التشبه الكراهة عند جمهور العلماء إلا بقرينة، فقد يبلغ التشبه الشرك بالله، وقد ينزل إلى ما هو أخف من الكراهة، كالتعبير بخلاف الأولى، وذلك مثل الصلاة في النعال، وترك تغيير الشيب، ونحو ذلك، والكراهة هو الحكم المتيقن، ولا ينتقل عنه إلا بدليل، وأما حديث: من تشبه بقوم فهو منهم فقد رجح أبو حاتم الرازي ودحيم إرساله، وسبق بحثه (٢).

• وأجيب بجوابين:

الجواب الأول:

أن القاعدة المقررة في الأصول: أن النهي يقتضي التحريم؛ لأن صيغة النهي


(١) صحيح البخاري (٣٣٥)، صحيح مسلم (٣ - ٥٢١).
(٢) انظر: كتابي موسوعة أحكام الطهارة، الطبعة الثالثة (١٠/ ٢٣٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>