للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وإذا وجد جزء من الأرض لا يصلح لبناء مسجد فيه، فإنما ذلك لأنه لا يصلح للصلاة فيه، فانتقض الاعتراض، وصح تخصيص أحاديث الامتنان.

الدليل الثاني:

(ح-٩٥٩) روى البخاري ومسلم من حديث أنس في قصة بناء مسجد رسول الله ، وفيه: ثم أمر ببناء المسجد، فأرسل إلى ملأ بني النجار فجاؤوا، فقال: يا بني النجار! ثامنوني حائطكم هذا، فقالوا: لا والله، لا نطلب ثمنه إلا إلى الله، قال: فكان فيه ما أقول لكم، كانت فيه قبور المشركين، وكانت فيه خرب، وكان فيه نخل، فأمر رسول الله بقبور المشركين فنبشت، وبالخرب فسوّيت، وبالنخل فقطّع .... الحديث (١).

وجه الاستدلال:

أن النبي جعل مسجده على مقبرة، فكان دليلًا على جواز الصلاة فيها.

• ويناقش:

موضع المسجد ليس مقبرة، وإنما كان موضعًا فيه نخل، وخرب، وبعض القبور للمشركين، وهذه القبور لا حرمة لها، فلما أمر بالقبور فنبشت، وسويت، خرج الموضع عن أن يكون مقبرة.

نعم فيه رد على تعليل الشافعية بأن النهي عن الصلاة في المقبرة لعلة النجاسة؛ لأنه لو كان ذلك التراب نجسًا لوجب أن ينقل من المسجد حتى يتيقن زوال النجاسة، لا سيما إذا اختلط الطاهر بالنجس، فلما لم يفعل ذلك، ولم يؤمر باجتناب ذلك التراب، ولا بإزالة ما يصيب الأبدان والثياب منه، دل على أن العلة ليست النجاسة.

الدليل الثالث:

أن المقبرة موضع طاهر، فصحت الصلاة فيها كسائر الأماكن.

• ونوقش من وجهين:

الوجه الأول:

قياس المقبرة على سائر الأماكن الطاهرة قياس في مقابل النص، فيكون فاسد


(١) رواه البخاري (٣٩٣٢)، ومسلم (٥٢٤) من طريق عبد الوارث بن سعيد، عن أبي التياح يزيد بن حميد الضّبعي قال: حدثني أنس بن مالك.

<<  <  ج: ص:  >  >>