للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

• ويجاب عنه من وجوه:

الوجه الأول:

أن حديث النهي خاص، وهذا حديث عام، والخاص مقدم على العام، كما هو مقرر في أصول الفقه.

الوجه الثاني:

القول بأن مقام الامتنان لا يسوغ تخصيصه، إن سُلِم فالجواب عنه: أن محل الامتنان هو مخالفة من قبلنا في حصر الصلاة في مكان معين، لا جواز الصلاة في كل مكان، ويكفي في الامتنان حصوله على الغالب والأكثر، فالمقابر ليست بشيء إذا قيست بالمباح من الأرض، والصور النادرة لا يقصدها المتكلم في العموم أصلًا حتى يقال: لا تخرج إلا بتخصيص، فالعام لم يتناولها من الأصل في أصح قولي أهل الأصول فكان عدم شمولها غير قادح في الامتنان ..

الوجه الثالث:

أن الصلاة في الأرض المتنجسة لا يصح، وهذا تخصيص لما سيق في مقام الامتنان، فانتقض الاعتراض.

فإن قيل: التنجيس وصف طارئ، والاعتبار بما قيل قبل ذلك.

فيقال: كذلك وجود القبر وصف طارئ على الأرض.

فإذا وجد القبر في مكان فإنه يمنعُ بناءَ المسجدِ في ذلك المكان، وهذا بالإجماع، قال ابن تيمية: «اتفق الأئمة أنه لا يبنى مسجد على قبر … » (١).

وقال الشاطبي في الموافقات: «ونهى -يعني النبي - عن بناء المساجد على القبور، وعن الصلاة إليها» (٢).


(١) مجموع الفتاوى (٢٢/ ١٩٤).
وقال أيضًا في اقتضاء الصراط المستقيم (٢/ ١٨٤): «فأما بناء المساجد على القبور فقد صرح عامة علماء الطوائف بالنهي عنه، متابعة للأحاديث، وصرح أصحابنا وغيرهم، من أصحاب مالك، والشافعي، وغيرهما بتحريمه، ومن العلماء من أطلق فيه لفظ الكراهة. فما أدري عنى به التحريم، أو التنزيه؟ ولا ريب في القطع بتحريمه … ».
(٢) الموافقات (٣/ ٨١).

<<  <  ج: ص:  >  >>