للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وعن ذر بن عبد الله المرهبي -وهو من كبار التابعين- كان يقال: من جر ثيابه لم تقبل له صلاة، ولا نعلم لمن ذكرنا مخالفًا من الصحابة (١).

• ويجاب:

بأن هذا الأثر ذكره ابن حزم في المحلى معلقًا عن مجاهد، وعن ذر بن عبد الله، ولا ندري ما إسناده، والمعلق ضعيف حتى يوقف على إسناده، وطريقة سياقه توحي بضعفه، فإنهما ساقاه بصيغة التمريض: (كان يقال … ) على البناء للمجهول، ولو سمعوه من بعض الصحابة لجزموا بحكايته، فلفظ (كان يقال) كلفظ (كان يحكى) فهو نقل لما يتردد من بعض الصالحين من التابعين دون أن يكون هذا عمن كان مشهورًا بالعلم والفتاوى منهم، والله أعلم.

الدليل الخامس:

أن الله أمر بستر العورة، ونهى عن الإسبال، والشيء الواحد لا يرد عليه أمر ونهي في وقت واحد، ولأن فساد الصلاة بثوب الإسبال: إما لارتكاب النهي في شرط العبادة، وإما لترك الإتيان بالشرط المأمور به، وكلاهما له علاقة بشرط العبادة، فليس كما لو أسبل في عمامته؛ لأن لبس العمامة ليس من شروط الصلاة.

• ويناقش:

ليس كل نهي يقتضي فساد المنهي عنه، يوضح ذلك مسألة لبس الخف، فلو مسح خفًّا مغصوبًا صح الوضوء على الصحيح؛ لأن إباحة اللبس ليست شرطًا في صحة الوضوء، ولو مسح الخف رجل قد تلبس بالإحرام مع وجود النعل لم يصح الوضوء؛ لأن النهي متوجه للبس نفسه، والأمر الشرعي يوجب غسل الرجل، فلم يمتثل الأمر الشرعي.

فالثوب في ذاته ليس حرامًا، والمحرم منه وقع في موضع لا يشترط ستره في الصلاة، وهو ما كان أسفل الكعبين، فلا يعود التحريم إلى كل الثوب، بل إلى القدر الزائد منه عن المشروع، كالربا أوجب الله إبطال الزائد فقط، قال تعالى: ﴿وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ﴾ [البقرة: ٢٧٩]،

وأخبر النبي أن العقوبة في محل المعصية فقط، فقال: ما أسفل من


(١) المحلى (٢/ ٣٩٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>