النبي ﷺ عن استخدام آنيتهم مع وجود غيرها، فإن اضطروا إلى استعمالها لعدم وجود غيرها فلم يأذن باستعمالها إلا بعد أن أمرهم بغسلها، والأصل في الأمر الوجوب.
ولو كان النهي عنها للكراهة لم يعلق استخدامها على الضرورة، فقد كان بالإمكان الإرشاد إلى غسلها ابتداء، ولو وجد غيرها.
• وأجابوا عن ذلك بأجوبة منها:
الجواب الأول:
أن الغسل هو من باب الاحتياط والاستحباب، ولو كان النهي للتحريم لم يلبس النبي ﷺ الجبة الشامية، والحبرة، وهي من صنعهم، وقد خرجتها في المسألة السابقة، ولم يأكل النبي ﷺ وصحابته طعامهم، ولم يَأْتِ الكتاب بحل طعامهم، ونكاح نسائهم، فلا معنى لنهيه عن استعمال آنيتهم إلا للتنفير من استخدام ما استخدمه الكافر وقارف فيها النجاسات، ولما كان تنجس الآنية غير متيقن لم يمتنع النبي ﷺ من الأكل في آنيتهم، وتعين حمل النهي عنها على الكراهة جمعًا بين النصوص، والله أعلم.
الجواب الثاني:
أن حديث أبي ثعلبة الخشني قيل في قوم كانوا يأكلون في آنيتهِمِ الميتَةَ والخنزيرَ، ويشربون فيها الخمر، ولذا أمر بغسلها، إن لم يوجد غيرها، أما من يعلم أنهم لا يأكلون فيها الميتة، ولا يشربون فيها الخمر، فآنيتهم كآنية المسلمين،
(ح-٩٤١) ويدل على هذا ما رواه أبو داود الطيالسي، قال: حدثنا حماد بن زيد، عن أيوب، عن أبي قلابة،
أن أبا ثعلبة الخشني قال: يا رسول الله إني بأرضٍ أهلها أهل الكتاب، يأكلون لحم الخنزير، ويشربون الخمر، فكيف بآنيتهم وقدورهم؟ فقال: دعوها ما وجدتم منها بُدًّا، فإذا لم تجدوا منها بُدًّا فارحضوها بالماء، أو قال: اغسلوها ثم اطبخوا فيها وكلوا. قال: وأحسبه قال: واشربوا (١).