للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

قال النووي في المنهاج: «ولا تصح صلاة ملاقٍ بعضُ لباسِهِ نجاسَةً، وإن لم يتحرك بحركته، ولا قابض طرف شيء على نجس إن تحرك، وكذا إن لم يتحرك في الأصح، فلو جعله تحت رجله صحت مطلقًا، ولا يضر نجس يحاذي صدره في الركوع والسجود على الصحيح» (١).

• وجه كون ملاقاة النجاسة مبطلة مطلقًا وإن لم تتحرك بحركة المصلي:

أن اجتناب النجاسة ببدنه، وثوبه، شرط لصحة الصلاة، فإذا مس ثوبه نجاسة، ولو لم تتحرك بحركته فقد باشر ثوبه النجاسة، ومباشرة المصلي للنجاسة بثوبه أو بشيء من أعضائه مبطل للصلاة؛ لأن اجتناب النجاسة في الصلاة شرع للتعظيم، وهذا ينافيه.

ولأنه إذا حمل ما هو متصل بالنجاسة كان حكمه حكم من حمل النجاسة نفسها؛ لأن ما اتصل بالشيء كان جزءًا منه، تحرك بحركته، أو لم يتحرك.

قال إمام الحرمين: «لا فرق بين نجاسة الشيء، وبين وقوعه على الشيء النجس» (٢).

القول الرابع: مذهب الحنابلة:

ذهب الحنابلة في المشهور أن المصلي إذا لاقى ثوبه نجاسة فإن كانت في موضع صلاته كما لو لاقاها في ركوعه أو سجوده بطلت صلاته، وإن لاقاها خارج موضع صلاته، وليس محلًّا لثيابه، كما لو مس ثوبه ثوبًا نجسًا أو جدارًا نجسًا لم يستند عليه، فوجهان، المشهور منهما: لا تبطل صلاته (٣).


(١) منهاج الطالبين (ص: ٣١).
(٢) نهاية المطلب (٢/ ٣٣٠).
(٣) جاء في مختصر ابن تميم (٢/ ٩٤): «ولو سقط طرف ثوبه على نجاسة .... فوجهان». اه
الوجه الأول: وهو المشهور من المذهب أن ملاقاة النجاسة تؤثر في صحة الصلاة بشرطين:
الأول: أن يلاقيها، فإن حاذى النجاسة راكعًا أو ساجدًا ولم يماسها، أو كانت بين رجليه ولم يصبها، فلا تؤثر في صلاته؛ لأنه لم يباشر النجاسة لا في بدنه، ولا في ثوبه.
الشرط الثاني: أن تكون الملاقاة في موضع صلاته، فإن لاقى النجاسة خارج موضع صلاته، كما لو مس ثوبه ثوبًا نجسًا، أو جدارًا نجسًا ولم يستند إليه لم تفسد صلاته؛ فإن استند إليه
فسدت؛ لأنه يصير كالبقعة له.
قال في كشاف القناع (١/ ٢٨٩، ٢٩٠): «ولا تبطل صلاته إن مس ثوبه أو بدنه ثوبًا نجسًا، أو مس ثوبه أو بدنه حائطًا نجسًا لم يستند إليه؛ لأنه ليس بموضع لصلاته، ولا محمولًا فيها، فإن استند إليها حال قيامه أو ركوعه أو سجوده بطلت صلاته، أو قابلها أي النجاسة راكعًا أو ساجدًا من غير ملاقاة، أو كانت النجاسة بين رجليه من غير ملاقاة فصلاته صحيحة؛ لأنه لم يباشر النجاسة، أشبه ما لو خرجت عن محاذاته». وانظر شرح منتهى الإرادات (١/ ١٦١)، مطالب أولي النهى (١/ ٣٦١)، الإنصاف (١/ ٤٨٧).
الوجه الثاني: أن ملاقاة النجاسة مفسدة لصلاته مطلقًا، وهذا اختيار صاحب المحرر، وأبي الخطاب في الهداية.
قال في المحرر (١/ ٤٧): «ومن حمل نجاسة لا يعفى عنها أو لاقاها بيديه أو ثوبه أو حمل ما يلاقيها لم تصح صلاته».
وقال أبو الخطاب في الهداية (ص: ٧٨): «فإن حملها، أو لاقاها ببدنه، أو ثوبه؛ لم تصح صلاته؛ إلا أن تكون نجاسة معفوًّا عنها».
فظاهر عبارة المحرر أن مجرد ملاقاة النجاسة مفسدة للصلاة، سواء ألاقاها في موضع صلاته راكعًا أم ساجدًا، أم لاقاها خارج موضع صلاته، وسواء أَاسْتَنَدَ إليها أم يستند، وهذا خلاف المشهور من المذهب. وقد ذكر الزركشي القولين في شرحه على الخرقي (١/ ٣١).

<<  <  ج: ص:  >  >>