للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

في تعلم أمور دينه، فلا يكون الجهل عذرًا، قال الشافعي : «لو عذر الجاهل لأجل جهله، لكان الجهل خيرًا من العلم، إذ كان يحط عن العبد أعباء التكليف، ويريح قلبه من ضروب التعنيف» (١).

فظاهر كلام الشافعي أن الجهل لا يمنع التكليف.

• ويناقش:

قولكم: بأن تارك التعلم عاصٍ هذا مسلَّم به، إذا كان يمكنه التعلم وفرط في طلبه، وليس استحقاقه الإثم بالتقصير ما يجعله مكلفًا بما جهل؛ فالشرائع لا تلزم قبل العلم بها، ولا يكفي للتكليف إمكان العلم.

وقولكم: لو عذر لكان الجهل خيرًا من العلم، فيقال: إن إعذار الجاهل ليس تكريمًا له، وإنما من باب التخفيف؛ لأن المكلف ليس في وسعه الامتثال قبل العلم، فتكليف الجاهل فيه حرج ومشقة، وقد نفى الله الحرج عن هذه الشريعة، قال تعالى: ﴿وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ﴾ [الحج: ٧٨]. وقال تعالى: ﴿مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ﴾ [المائدة: ٦].

• دليل من قال: لا يجب القضاء على الجاهل:

الدليل الأول:

قال تعالى: ﴿وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا﴾. [الإسراء: ١٥].

دلت الآية أن الله لا يعذب أحدًا من خلقه حتى يبعث إليهم من يقيم الحجة عليهم.

الدليل الثاني:

أحاديث كثيرة في الشرع تبين أن التكليف يناط بالعلم، من ذلك:

حديث المسيء صلاته، وهو في الصحيحين من حديث أبي هريرة، حيث لم يطلب منه إعادة تلك الصلوات.

ومثله المستحاضة حيث كانت تتوهم أن دمها دم حيض، فجاءت إلى الرسول ، وهي تشكو له بأنه حبسها عن الصلاة والصيام، فبين لها الرسول أن هذا الدم ليس


(١) إعانة الطالبين (١/ ٢٢٣)، حاشية البجيرمي على الخطيب (٢/ ٨٢)، المنثور (٢/ ١٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>