المأمورات والمنهيات؛ لحديث:(من نام عن صلاة أو نسيها .... ) رواه مسلم.
وانظر: أدلة القول الثاني لتعلم أن هذه القاعدة التي أطلقها بعض الفقهاء تصادم نصوصًا كثيرة صريحة.
الوجه الثاني:
أن جميع أدلة هذه القاعدة ليس فيها دليل واحد يدل على تكليف الجاهل قبل علمه، فالزركشي استدل لقاعدته بأدلة كثيرة ليس منها حديث واحد يدل على أن الجاهل مكلف في المأمورات قبل علمه، وأن عليه القضاء، علم أو لم يعلم، وإنما الذي يصح للزركشي من أدلته في الجاهل والناسي أن الجهل عذر في سقوط القضاء في المنهيات، وهذا صحيح، ولكنه فرد من إسقاط التكليف عن الجاهل مطلقًا على الصحيح حتى في المأمورات.
ويصح له أن النسيان ليس عذرًا في سقوط القضاء في المأمورات، لأن النسيان لا يرفع أهلية التكليف كالنوم، ويبقى على الزركشي أن يذكر في أدلته أن الجهل ليس عذرًا في سقوط القضاء في المأمورات، وهذا ما لم يذكر الزركشي ولا غيره أدلة عليه، وقد ذكرت أمثلة كثيرة على سقوط القضاء عن الجاهل في المأمورات يأتي ذكرها في الأدلة فلا داعي لتكرارها.
فالزركشي ساق من الأدلة حديث:(من نام عن صلاة أو نسيها) كدليل على أن النسيان ليس عذرًا في سقوط القضاء في المأمورات، وهو في الناسي، وليس في الجاهل.
وساق حديث معاوية بن الحكم في التكلم في الصلاة، وهو في اعتبار الجهل عذرًا في المنهيات.
وساق حديث أبي سعيد في خلع نعليه، وهو في الصلاة؛ لكونها نجسة، والبناء عليها، وهو دليل على أن الجهل عذر في المنهيات، وكلاهما لا ينافي أن يكون الجهل عذرًا في المأمورات، والله أعلم.
الدليل الثالث:
الأصل وجوب تحصيل العلم، وأن تارك التعلم عاصٍ، وليس الجهل مما يشق الاحتراز منه حتى يعذره الشرع به، فالجهل من كسب المكلف، فهو المفرط