للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

كالشمس أو القطب. وقيل ألا ينسى الجهة التي صلى إليها أولا (١).

وقد يقال: إن هذا القول يرجع إلى القول بعدم تكرار الاجتهاد؛ لأن الباعث على إعادة الاجتهاد ليس تجدد الحادثة، وإنما هو نسيان مستند الحادثة الأولى، فصار الحكم الثاني وكأنه خَلْوٌ من المستند، لهذا طلب منه إعادة الاجتهاد، لا لذاته، وإنما لربط الحكم بدليله.

• حجة الشافعية على وجوب استئناف الاجتهاد:

قال الشافعية: إن تجديد الاجتهاد فيه فائدة: فهو إما أن يوافق الأول فيقوى الظن، أو يخالفه، ولا يكون إلا عن أمارة أقوى من الأول، فالأقوى أقرب إلى اليقين، أو يوجب التَّحَرِّي، وهو أيضا مفيد لدلالته على خلل الأول (٢).

وهذا التعليل يقضي أن يعيد الاجتهاد، ولو كان ذاكرًا لمستند الاجتهاد الأول؛ لأن هذه المصالح ليست مرتبطة بنسيان مستند الاجتهاد الأول، فليتأمل.

وأما وجه التفريق بين الفرض والنفل عندهم:

بأن النفل أوسع من الفرض، ولهذا لا يجب فيه القيام، ولا الاستقبال في السفر، ولا تكرير التيمم، ولا تبييت النية، ولا يلزم بالشروع على الصحيح (٣).

القول الرابع:

قال المالكية: إن كان الوقتان تختلف فيهما الأدلة اجتهد ثانية، وإلا فلا (٤).

قال خليل: وهو أظهر مما قاله ابن شاس وابن الحاجب (٥).

وفسر الخرشي قوله: (إن كان الوقتان تختلف فيهما الأدلة)، قال: «بأن كان في كل وقت بمحل، وإلا فلا» (٦).

قال العدوي في الحاشية: «بمحل: أي متباعد، لا إن كان قريبًا، فلا يلزم منه


(١) حاشيتا قليوبي وعميرة (١/ ١٥٧)، حاشية الجمل (١/ ٣٢٤).
(٢) انظر حاشية الشرواني على تحفة المحتاج (١/ ٥٠١)، نهاية المحتاج (١/ ٤٤٤).
(٣) الأشباه والنظائر للسيوطي (ص: ١٥٤).
(٤) الذخيرة للقرافي (٢/ ١٣٣)، شرح الخرشي (١/ ٢٥٩)، الشامل في فقه الإمام مالك (١/ ١٠٠)، الدر الثمين والمورد المعين (ص: ٢٥٥)، شرح زروق على الرسالة (١/ ٣١٩).
(٥) انظر التوضيح لخليل (١/ ٣٢٤).
(٦) شرح الخرشي (١/ ٢٥٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>