للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

محمد بن إبراهيم بن الحارث، عن بسر بن سعيد، عن أبي قيس، مولى عمرو بن العاص،

عن عمرو بن العاص، أنه سمع رسول الله -يقول: إذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أصاب، فله أجران، وإذا حكم فاجتهد، ثم أخطأ، فله أجر (١).

وجه الاستدلال:

قضى الحديث أن الحاكم يجتهد، فيصيب ويخطئ، فإذا اجتهد، فأفتى، أو حكم في جزئية معينة، لا يكون حكمه حكمًا كليًّا لما يحدث في المستقبل مما يماثلها؛ بل هو حكم جزئي، تعلق بتلك الحادثة عينًا وزمنًا، فإذا تجدد مماثل استأنف الاجتهاد؛ لإمكان أن يظهر له ثانيًا خلاف ما ظهر له أولًا، ولأن احتمال الخطأ في ذلك الاجتهاد كاحتمال الصواب، فتجديده نافع: فإما يؤكد حكمه الأول، فيزداد طمأنينة، أو يخالفه، فيتركه لما هو أقوى منه (٢).

الدليل الثاني:

وعلل الحنابلة: بأنها واقعة متجددة فتستدعي طلبًا جديدًا، كطلب الماء في التيمم (٣).

• ويناقش:

بأن القول بأن الواقعة الجديدة تستدعي طلبًا جديدًا، هي دعوى في محل النزاع، فلا دليل على الوجوب.

وكون الحكم مظنونًا، واحتمال الخطأ في الاجتهاد، لا يكفي لإعادة الاجتهاد، ذلك أن الاجتهاد الثاني لن يدفع احتمال وجود الخطأ، ولن يخرج عن دائرة الظن، فنخرج من ظن إلى ظن، وكم من مفتٍ أعاد الاجتهاد، فانتقل من القول الأقوى إلى الأضعف، فليست الإعادة مظنة الإصابة.

والقياس على طلب التيمم غير مسلم، فلا دليل على وجوب تجديد طلب الماء في التيمم بتجدد الصلاة، وقد ناقشت ذلك في كتابي موسوعة الطهارة، فانظره هناك.


(١) صحيح البخاري (٧٣٥٢)، وصحيح مسلم (١٧١٦).
(٢) انظر تفسير القرطبي (١١/ ٣١١)، نظرية المقاصد عند الإمام الشاطبي (ص: ٣٥٦).
(٣) شرح منتهى الإرادات (١/ ١٧٤)، الروض المربع (ص: ٨٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>