للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

الخرقي: «وفرق أبو البركات بأن لزوم تقليد الأعلم يفضي إلى كلفة ومشقة» (١).

جاء في شرح منتهى الإرادات: «(ويتبع وجوبًا جَاهِلٌ) بأدلة القبلة عَاجِزٌ عن تعلمها الأوثَقَ عنده .... لأنه أقرب إصابة في نظره (ولا مشقة) عليه في متابعته، بخلاف تقليد العامِّيِّ الأعلمَ في الأحكام فإن فيه حرجًا وتضييقًا» (٢).

وإذا كان الترجيح هو في الأوثق في نفسه، أي ما يظنه في نفسه، والظن طريق للترجيح إذا تعذر اليقين.

وظاهر كلامهم أن ذلك، ولو كان من غير استناد إلى أمارة، لأنه جعل الحكم لنفسه، لا لأمارات ظهرت له، حتى ولم يكن هو الأوثق في واقع الأمر، ولأن الترجيح إذا كان مبنيًّا على أمارة كان هذا اجتهادًا، وهو لا يحسنه،؛ فكان المقصود بالأوثق في نفسه: أنه نوع من التحري واستفتاء القلب، وهو مقدور لكل أحد، كما يتحرى عند الشك في عدد ركعات الصلاة، وأشواط الطواف وعدد رمي الجمار، فكذلك يتحرى الأوثق من المجتهدين في نفسه، وكما قالوا في المقلد في القبلة إذا لم يجد من يقلده تحرى، فجعلوا التقليد مقدمًا على التحري، فإذا كان حقيقة التقليد: هو تقلد قول المجتهد بلا حجة، فكذلك التحري الذي هو دون التقليد، لا يكون مبنيًّا على أمارة، وإلا لكان فوق التقليد.

•ويشكل على قول الحنابلة أمران:

أحدهما: أنه لو قلد المفضول، فإن صلاته لا تصح؛ لأنه يجب عليه أن يتحرى الأوثق في نفسه.

قال التنوخي في الممتع: «والمراد بأوثقهما في نفسه: أعلمهما عنده، وأصدقهما قولًا، وأشدهما تحريًا لدينه، فعلى هذا لو قلد المفضول لم يصح، وهو ظاهر كلام الخرقي؛ لأنه ترك ما يغلب على ظنه أن الصواب فيه» (٣).

ولو قالوا بأن تقليد الأوثق من باب الأولوية كالشافعية لكان ذلك واسعًا، أما


(١) شرح الزركشي على مختصر الخرقي (١/ ٥٣٤).
(٢) شرح منتهى الإرادات (١/ ١٧٣)، وانظر مطالب أولي النهى (١/ ٣٩٠).
(٣) الممتع شرح المقنع (١/ ٣٣٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>