فإذا وقفت على أقوال السادة الفقهاء، فتعال معي نَدلِفْ إلى الحجج.
• حجة من قال: لا يؤم أحدهما الآخر:
قالوا: لأن كل واحد منهما يعتقد خطأ صاحبه، فلم يَجُزْ أن يَأْتَمَّ به، كما لو خرجت من أحدهما ريح، واعتقد كل واحد منهما أنها من صاحبه، فإن لكل واحد منهما أن يصلي؛ لاعتقاده صحة صلاته، وليس له أن يأتم بصاحبه لاعتقاده بطلان صلاة صاحبه.
• ويناقش:
بأن هناك فرقًا؛ فإن صلاة المحدث باطلة بالاتفاق، والمخالف في القبلة غير مقطوع ببطلان قبلته، فافترقا.
• وجه من قال: يصح ائتمام أحدهما بالآخر:
ولأن ما يعتقده المأموم أنه خطأ من الإمام لا يمنع صحة صلاة الإمام، لا ظاهرًا ولا باطنًا؛ ولو تبين الخطأ للإمام لا يطالب بالإعادة؛ لأنه بني على اجتهاد، وهذا هو فرضه، بخلاف ما لو اعتقد المأموم أن الإمام محدث.
وإذا كان المخالف يرى أن صلاة صاحبه في نفسه صحيحة، وأنه يلزمه حكم اجتهاده، ولا يجوز له مخالفة اجتهاده، وأن قبلته غير مقطوع ببطلانها، فكيف يمتنع الاقتداء؟
ولأن اختلاف الجهة لا يمنع من الاقتداء، إذا كان كل واحد من المخالفين في الجهة هي قبلته المأمور باتباعها شرعًا، وإن لم تكن هي القبلة في واقع الأمر، فالعبرة في قبلة الاجتهاد هي القبلة الشرعية، لا الحقيقية، كدخول رمضان إذا حال معه غيم أو قتر، فإننا نكمل عدة شعبان، وإن كان فيه احتمال أن يكون الشهر قد دخل.
وقياسًا على ائتمام من كان حول الكعبة بمن في مقابلتهم وإن اختلفت جهاتهم، والفرق أن من في الكعبة تطابقت القبلة الشرعية مع واقع الأمر، بخلاف من يصلي باجتهاد، فإن القبلة في حقه هي القبلة الشرعية، حيث لا يكلف الإصابة، وقد صحح الشافعية صحة اقتداء العاجز عن استقبال القبلة بالقادر عليها وإن اختلفت جهتاهما، فإذا كان الاختلاف في الجهة بسبب العجز الحسي لا يمنع من الاقتداء، فكذا لا يمنع الاختلاف في الجهة بسبب الحكم الشرعي، ومثله لو