للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

تنفل مسافر راكبًا، ووجهه إلى المشرق، واقتدى به راكبٌ مُلْصِقًا ظهره بظهره صح الاقتداء مع اختلاف وجهيهما (١).

• ونوقش هذا:

بأن بطلان الصلاة لا يرجع إلى اختلافهما في الجهة، بل يرجع إلى اعتقاد كل واحد منهما ببطلان صلاة صاحبه؛ لعدوله عن قبلته، وأن الصواب لا يتعدد في مسائل الاجتهاد، فليس كل مجتهد مصيبًا، بخلاف الصفوف حول الكعبة فإن جميعهم على قبلة واحدة، لا يعتقد بعضهم فساد صلاة بعض، ومثله اقتداء العاجز بالمقتدر كل منهما لا يعتقد خطأ الآخر في القبلة، وقد أفتى بعض المالكية بأنه لو اشتبهت أواني طاهرة بغيرها على رجلين فأكثر، وكان الطاهر منها أكثر من واحد جاز أن يأتم أحدهما بصاحبه؛ إذ لا يجزم بخطأ إمامه هذا (٢).

• ورد هذا:

بأن اختلاف المجتهَديْنِ في القبلة، وإن اختلفا، فإن أحدهما لا يجزم بخطأ صاحبه، وإذا لم يقطع ببطلان صلاة صاحبه لم يمنع ذلك من الاقتداء، فقد عاب ابن مسعود على عثمان الإتمام بمنى، واسترجع لفعله؛ لمخالفته السنة، ومخالفته فعل أبي بكر وعمر، وصدرًا من خلافة عثمان أجمعين، ثم أقيمت الصلاة، فصلى خلفه أربعًا، فقيل له في ذلك، فقال: الخلاف شر (٣).


(١) قال الجويني في الجمع والفرق (١/ ٤١٩): «إذا اقتدى رجل بمصلوب والمقتدي مستقبل القبلة والمصلوب مستدبر لها، وكان وجه المأموم إلى وجه الإمام صح اقتداؤه تخريجًا من الشيخ أبي بكر القفال ».
(٢) انظر مواهب الجليل (١/ ١٧٤).
(٣) أصل الحديث في الصحيحين، رواه البخاري (١٠٨٤)، ومسلم (٦٩٥) من طريق الأعمش، قال: حدثنا إبراهيم، قال: سمعت عبد الرحمن بن يزيد، يقول: صلى بنا عثمان بن عفان بمنى أربع ركعات، فقيل ذلك لعبد الله بن مسعود ، فاسترجع، ثم قال: صليت مع رسول الله بمنى ركعتين، وصليت مع أبي بكر الصديق بمنى ركعتين، وصليت مع عمر بن الخطاب بمنى ركعتين، فليت حظي من أربع ركعات ركعتان متقبلتان. =

<<  <  ج: ص:  >  >>