للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

القول الثاني:

إذا أصاب صحت صلاته مطلقًا من غير فرق بين العلم بالإصابة في أثناء الصلاة أو بعدها، وهذا قول أبي يوسف من الحنفية، وهو قول في مذهب الحنابلة (١).

• وجه القول بالصحة:

يرى أبو يوسف «أنه لو شرع بالصلاة بلا تَحَرّ، ثم علم بالصلاة أنه أصاب، فإنه يمضي فيها؛ لأنه لو قطعها يستأنف إلى هذه الجهة، فلا فائدة» (٢).

ولأن لزوم التحري لم يفرض عليه إلا لتحصيل القبلة، فإذا حصلت من غير تَحَرٍّ حصل المقصود.

ولأن التحري درجات: فتارة يراد به بلوغ مرتبة الاجتهاد في معرفة الأدلة المنصوبة على الكعبة.

وتارة يراد ما عرفه ابن عابدين في قوله: قبلة التحري مبنية على مجرد شهادة القلب من غير أمارة (٣).

كما لو كان رجل لا يحسن الاستدلال، ولم يجد دليلًا، فإنه يتحرى جهةً تركن إليها نفسه، فيصلي إليها.

فصار التحري هنا يقصد به ميل القلب إلى جهة من الجهات بحيث تسكن إليها النفس، وإن لم يكن مبنيًّا على الاستدلال.

ومثله لو شك في عدد الركعات، أو عدد أشواط الطواف، فمالت نفسه إلى شيء أخذ به على قول، فهذا ترجيح دون أن يكون هناك دليل مادي على الترجيح.

وقد تكلم الفقهاء في الرجل لو اجتهد في القبلة، وغلب على ظنه أنها في جهة الغرب مثلًا، ثم تغير اجتهاده وهو في الصلاة، فإنه ينحرف ويعمل بالثاني، حتى إنه لو تغير اجتهاده أربع مرات فإنه يصلي إلى أربع جهات في صلاة واحدة، فهل اجتهاد


(١) فتح القدير لابن الهمام (١/ ٢٧١)، تبيين الحقائق (١/ ١٠٢)، الاختيار لتعليل المختار (١/ ٤٧)، البحر الرائق (١/ ٣٠٣)، الإنصاف للمرداوي (٢/ ١٩).
(٢) انظر فتح القدير (١/ ٢٧١).
(٣) حاشية ابن عابدين (١/ ٤٣٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>