للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

ولهذا جعلوا الخطأ في قبلة القطع يعيد أبدًا كالمكي والمدني، وكذا من ترك الاستقبال متعمدًا، فإنه يعيد أبدًا بلا خلاف عندهم، بخلاف ما لو صلى بالنجاسة عامدًا، فإنه يعيد في الوقت، هذا هو مبنى الفرق عندهم، والله أعلم.

قال ابن رشد: «وأما من صلى إلى غير القبلة متعمدًا، أو جاهلًا بوجوب استقبال القبلة، فلا اختلاف في وجوب الإعادة عليه أبدًا، وكذلك من صلى بمكة إلى غير الكعبة وإن لم يكن مشاهدًا لها، فهو كالمشاهد لها في وجوب الإعادة عليه أبدًا، من أجل أنه يرجع إلى يقين يقطع عليه؛ إذ يمكنه أن يصعد على موضع يرى الكعبة منه، فيعلم بذلك حقيقة القبلة في بيته» (١).

• ويناقش:

يشكل على قول المالكية أنهم قالوا: يعيد استحبابًا بنية الفرض، فالنية ومفعولها لا يتفقان حكمًا (٢).

فهو يصلي الأولى بنية أنها فرضه، ثم يصلي الإعادة بنية أنها فرضه، فيكون صلى الفرض مرتين، ولا يخرجهم من ذلك قولهم: إن الإعادة مستحبة، ولا قولهم: إن له أحدهما، والتعيين ليس للعبد.

فهذا الأصل عند المالكية ضعيف فيما أرى؛ لأن الصلاة إن كانت صحيحة فلا حاجة للإعادة؛ لأن الله لم يكتب على عباده فرض الظهر مرتين، وهو يصلي عندهم بنية الفرض في كل مرة.

وإن كانت باطلة، فلماذا يصحح المالكية الصلاة؟ فهم حين قالوا: يعيد في الوقت حكموا بصحة الصلاة؛ إذ لو كانت باطلة لم يعلقوا الإعادة على بقاء الوقت، بل كان عليه أن يعيدها أبدًا، في الوقت وغيره.

ولأن الذمة لو كانت مشغولة في وجوب الإعادة، لم يكن هناك فرق بين الوقت، وخارج الوقت.


(١) البيان والتحصيل (١/ ٤٦٦)، الذخيرة (٢/ ١٣٣).
(٢) انظر شرح الخرشي (١/ ١٠٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>