للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

فإنها مستقبلة بلاد السودان، وليس بينها وبين جهة الكعبة ملابسة» (١).

وقال ابن العربي: «الحواضر التي تبنى فيها المساجد، كيف العمل فيها، وهي مختلفة المباني، متباينة الجهات في القبلة؟

قلنا: إن الذي تولى بنيانها عامتهم جهال، فالذي وقع منها على وجه الخطأ، فذلك موجب الجهل، والذي وقع منها على الإصابة، فإما أن يكون وقع بالاتفاق، وإما أن يكون بني على علم بالصواب، فالعامي يصلي في كل مسجد، والله حسيب كل أحد، والمجتهد يجتنب المساجد المخالفة للحق، فإذا دعت إلى ذلك ضرورة صلى وانحرف إن أمن الارتجاج والعقوبة، فإن لم يأمن صلى هناك، وأعاد على الحق في بيت، أو مسجد مبني على الصواب،

والله أعلم» (٢).

ومنع الحنفية الطعن في المحاريب القديمة التي نصبها الصحابة رضوان الله عليهم، وتعاقب عليها الناس دون إنكار، فلا يجوز مخالفتها:

قال ابن عابدين: قوله: «(محاريب الصحابة والتابعين) فلا يجوز التحري معها، (الزيلعي). بل علينا اتباعهم (خانية)، ولا يعتمد على قول الفلكي العالم البصير الثقة: أن فيها انحرافًا خلافًا للشافعية في جميع ذلك كما بسطه في الفتاوى الخيرية، فإياك أن تنظر إلى ما يقال: إن قبلة أموي دمشق وأكثر مساجدها المبنية على سمت قبلته، فيها بعض انحراف، وإن أصح قبلة فيها قبلة جامع الحنابلة الذي في سفح الجبل؛ إذ لا شك أن قبلة الأموي من حين فتح الصحابة ومن صلى منهم إليها، وكذا من بعدهم أعلم وأوثق وأدرى من فلكي، لا ندري هل أصاب، أم أخطأ، بل يُرَجَّحُ خَطَؤُهُ، وكل خير في اتباع من سلف» (٣).

وأجاز الشافعية في المحاريب المتفقة والتي لم يطعن فيها الاجتهاد بالتيامن والتياسر إذا ثبت للمجتهد وجود خطأ فيها كما سبق تقريره في مسألة سابقة.


(١) الذخيرة للقرافي (٢/ ١٢٥).
(٢) المسالك في شرح موطأ مالك (٣/ ٣٥٢).
(٣) حاشية ابن عابدين (١/ ٤٣٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>