للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

قال إمام الحرمين: «ولو دخل بلدة أو قرية مطروقة، فيها محراب متفق عليه لم يشتهر فيه مطعن، فلا اجتهاد له مع وجدان ذلك، فإنه في حكم اليقين، ولو أراد ذو بصيرة أن يتيامن بالاجتهاد قليلًا، أو يتياسر، فظاهر المذهب أنه يسوغ ذلك» (١).

فذكر إمام الحرمين شرطين لوجوب العمل بالمحاريب:

الشرط الأول: الاتفاق عليها، فإن اختلفوا لم يعمل بها. وهذا سبق شرحه.

الشرط الثاني: ألا يشتهر فيه مطعن. وظاهر قيد (الشهرة) أن الخلاف عليها إذا لم يشتهر لم يؤثر ذلك فيها، فهل الشهرة تعني كثرة من يطعن فيها، أو تعني انتشاره بين المجتهدين ولو من واحد؟

قال الشافعية: يكفي الطعن من واحد إذا ذكر له مستندًا، أو كان من أهل العلم بالميقات، فذلك يخرجه عن رتبة اليقين الذي لا يجتهد معه (٢).

قال القرافي في تنقيح الفصول: «يقلد محاريب البلاد العامرة التي تتكرر الصلاة فيها .... وهذا بشرط ألا يشتهر الطعن فيها كمحاريب القرى وغيرها بالديار المصرية، فإن أكثرها ما زال العلماء قديمًا وحديثًا ينبهون على فسادها، وللزين الدمياطي في ذلك كتاب ولغيره، وقد قصد الشيخ عز الدين بن عبد السلام تغيير محراب قبة الشافعي والمدرسة ومصلى حولان، فعاجله ما منعه من ذلك، وكذلك محراب المحلة مدينة الغربية والفيوم ومنية ابن أبي خصيب وهي لا تُعَدُّ ولا تُحْصَى، لا يجوز أن يقلدها عالم ولا عامي» (٣).

وقال أيضًا: «ليس بالديار المصرية بلد نقلد محاريبها المشهورة حيث قلنا بالتقليد إلا مصر، والقاهرة، والإسكندرية، وبعض دمياط، أو بعض محاريب قوص، وأما المحلة، ومنية بني خصيب، والفيوم، فإن جوامعها في غاية الفساد؛


(١) نهاية المطلب (٢/ ٩٢).
(٢) انظر حاشية الشرواني على تحفة المحتاج (١/ ٤٩٨)، حاشية ابن القاسم العبادي على الكتاب نفسه (١/ ٤٩٩)، حاشية الشبراملسي على نهاية المحتاج (١/ ٤٣٩)، حاشية الجمل (١/ ٣٢٢)، حاشية البجيرمي على الخطيب (١/ ٤٦٦)، الحاوي للفتاوى للسيوطي (١/ ٣٩).
(٣) شرح تنقيح الفصول (ص: ٤٣٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>