للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

فجعل جمهور الفقهاء هذه المحاريب بهذه الشروط بمنزلة الخبر عن علم.

قال النووي في الروضة: «قد يكون الخبر صريحَ لفظٍ، وقد يكون دلالةً، كالمحراب المعتمد» (١).

وقال ابن قدامة في الكافي: «الحاضر في قرية، أو من يجد من يخبره عن يقين ففرضه التوجه إلى محاريبهم، أو الرجوع إلى خبرهم؛ لأن هذا بمنزلة النص، فلا يجوز الرجوع إلى الاجتهاد معه، كالحاكم إذا وجد النص» (٢).

وقال الزيلعي: «ولا يجوز التحري مع المحاريب» (٣).

وقال القرافي: «يشترط فيها ألا تكون مختلفة، ولا مطعونًا عليها من أهل العلم» (٤).

وسوف أتعرض إن شاء الله تعالى عن حكم الدلالة على القبلة بالمحاريب المنصوبة في مسألة مستقلة.

[م-٣١١] فإن لم يجد الرجل القادم إلى مكة من يخبره عن القبلة، ولم يشاهد محاريب منصوبة، ولم يتمكن من معاينة الكعبة، أيكون الفرض في حقه إصابة العين بيقين، أم يكفيه الاجتهاد؟

وعلى القول بالاجتهاد: أيتحرى إصابة العين، أم يتحرى إصابة الجهة؟

في ذلك خلاف بين أهل العلم على أقوال منها:

القول الأول:

يلزمه إصابة العين بيقين، ولا يكفيه الاجتهاد في إصابة عينها، ونص عليه مشايخ الحنفية من أصحاب المتون، وهو الراجح في مذهب المالكية (٥).


(١) روضة الطالبين (١/ ٢١٧).
(٢) الكافي في فقه الإمام أحمد (١/ ٢٣٤).
(٣) تبيين الحقائق (١/ ١٠١).
(٤) الذخيرة للقرافي (٢/ ١٢٤)، وانظر فتاوى السبكي (١/ ١٥٠).
(٥) كنز الدقائق (ص: ١٥٩)، الهداية شرح البداية (١/ ٤٧)، تبيين الحقائق (١/ ٣٠٥)، الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي (١/ ٢٢٣)، شرح الخرشي (١/ ٢٥٦)، منح الجليل (١/ ٢٣١)، جامع الأمهات (ص: ٩١)، مواهب الجليل (١/ ٥٠٨)، الشرح الصغير مع حاشية الصاوي (١/ ٢٩٤).
قال المازري في شرح التلقين (١/ ٤٨٥): «المشروع لمن كان بمكة الصلاة إلى عين
الكعبة، لا إلى جهتها».

<<  <  ج: ص:  >  >>