للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

ولولا حكاية الإجماع التي ساقها النووي، ولم أقف على ما يخالف ذلك لقلت: للنظر حظ في هذه المسألة، لأن جهة السير لا يمكن أن تعطى حكم القبلة، وذلك لأن القبلة: تعني الكعبة عينًا أو جهة، ولا يقوم مقام الكعبة شيء، وإذا سقط التوجه إلى القبلة سقط إلى غير بدل.

وحديث ابن عمر في الصحيحين: كان النبي -يصلي في السفر على راحلته حيث توجهَتْ به .... الحديث (١).

فقوله: (حيث توجهت به) عام في جميع الجهات، فلولا هيبة الإجماع لجزمت بأن الانحراف عن جهة السير لا أثر لَهُ في صحة النافلة على الدابة، ولا يوجد نص في وجوب التوجه إلى جهة السير، والأصل عدم الوجوب.

وإن كان انحرافه لضرورة: كأن يكون ذلك لغلبة دابته، أو لخطئه، أولسهوه:

فقيل: لا شيء عليه مطلقًا، حتى ولو طال انحرافه، وهو مذهب المالكية، وقول في مذهب الشافعية وفي مذهب الحنابلة (٢).

جاء في حاشية الدسوقي: «إن كان انحرافه لضرورة كظنه أنها طريقه، أو غلبته الدابة فلا شيء عليه» (٣).

وقال ابن الرفعة: «وإن لم يتعمده بل فعله ساهيًا، أو جاهلًا لم تبطل عند العراقيين، طال الزمان أو قصر» (٤).

• وجه هذا القول:

بأنه معذور، فهو في حكم العاجز عن استقبال القبلة.

وقيل: إن طال بطلت صلاته، وإن عاد عن قرب فلا شيء عليه، ويسجد للسهو وهو أحد الوجهين في مذهب الشافعية، وبه قال الحنابلة في المشهور إلا أنهم


(١) صحيح البخاري (١٠٠٠)، وصحيح مسلم (٧٠٠) من طريق نافع، عن ابن عمر.
(٢) حاشية الدسوقي (١/ ٢٢٥)، مواهب الجليل (١/ ٥٠٩)، حاشية الصاوي على الشرح الصغير (١/ ٣٠٠)، الخرشي (١/ ٢٥٨)، الذخيرة (٢/ ١٢١)، فتح العزيز (٣/ ٢١٥).
(٣) حاشية الدسوقي (١/ ٢٢٥).
(٤) كفاية النبيه شرح التنبيه (٣/ ٢٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>