للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وقال الحنابلة: لأن السياحة لغير موضع معين مكروهة، فيكون السفر ليس مباحًا، ويشترط للترخص أن يكون لأمر مباح، ولهذا يمنعونه من القصر والفطر في رمضان (١).

وهذه التعاليل كلها مبنية على أن التمتع بالرخص يشترط فيه الإباحة، وهي مسألة خلافية.

ومرجع الخلاف: هل الرخصة من باب الإعانة، والعاصي ومرتكب المكروه لا يستحق أن يعان، أم هي تخفيف عام فتتناوله؟

فالنصوص في الرخص مطلقة، تشمل المطيع والعاصي كقوله تعالى: ﴿فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ﴾ [البقرة: ١٤٨]. ولا يقيد النصوص الشرعية إلا نص أو إجماع.

وقد بسطت ذلك في كتابي موسوعة الطهارة، عند الكلام على المسح على الحائل، فارجع إليه إن شئت، إذا تنبهتَ لذلك نأتي إلى تفصيل مسألتنا:

[م-٣٠٦] إذا انحرفت الدابة به عن جهة سيره، فإن كان ذلك إلى القبلة، فلا شيء عليه؛ قال النووي: بلا خلاف (٢).

ولأن الأصل في فرضه جهة القبلة (٣).

ولأنه بمنزلة من انتقل من الرخصة إلى العزيمة.

وإذا كان انحراف الدابة إلى غير جهة القبلة، ففيه التفصيل التالي:

إن كان ذلك عامدًا من غير عذر ولا سهو بطلت صلاته. قال النووي في المجموع: بلا خلاف (٤).

وكأن الفقهاء جعلوا جهة سيره بمنزلة القبلة، فكان الانحراف عنها عمدًا بمنزلة الانحراف عن القبلة الأصلية.


(١) انظر كشاف القناع (١/ ٥٠٦)، مطالب أولي النهى (١/ ٣٧٨).
(٢) المجموع (٣/ ٢٣٦).
(٣) الذخيرة للقرافي (٢/ ١٢١)، أسنى المطالب (١/ ١٣٤)، المهذب (١/ ١٣٢).
(٤) المجموع (٣/ ٢٣٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>