للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

الراكب كالمتنفل جالسًا، وهذا يصح بلا عذر، بخلاف الماشي فإنه متحرك بنفسه، والعمل الكثير في الصلاة ينافيها.

• ويناقش:

بأن الراكب متحرك كالماشي، ولو كان الراكب في حكم الجالس لوجب عليه استقبال القبلة، فإن المتنفل جالسًا يجب عليه استقبال القبلة، والفرق أن الراكب متحرك بغيره، والماشي متحرك بنفسه، وهذا لا يحدث فرقًا، والقياس بين الراكب والماشي ليس في سقوط القيام، حتى يقال: الراكب كالمتنفل جالسًا، وإنما في سقوط الاستقبال وصحة إيماء بدلًا من السجود على الأرض، وهما محل القياس.

• دليل من قال: يصح التنفل من الماشي:

الدليل الأول:

قال تعالى: ﴿فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا﴾ [البقرة: ٢٣٩].

الآية دليل على صحة صلاة الفريضة من الماشي في حال الخوف، فإذا تصور وجود صلاة صحيحة من الماشي في حال الخوف، تصور وجود مثل ذلك في النفل مطلقًا، ألا ترى أن الفريضة لما صحت من الراكب في حال الخوف صحت من الراكب في حال السفر مطلقًا؟

الدليل الثاني:

أن الماشي مسافر سائر فأشبه الراكب، فيقاس عليه بجامع التيسير حتى لا تتعطل النوافل؛ لأن الناس لا بد لهم من الأسفار وتقع الحاجة إلى الأسفار مشاةً كما تقع ركبانًا، فلو قلنا: لا يجوز النفل ماشيًا أدى إلى انقطاع الناس عن أحد أمرين: إما عن نوافلهم، وإما عن أسفارهم ومعايشهم، وهذا المعنى يعمُّ الراكبَ والماشي.

• وجه وجوب استقبال القبلة عند الإحرام:

كل دليل ساقه العلماء على وجوب افتتاح الراكب صلاته إلى القبلة استدلوا به هنا؛ لأن الماشي أولى بالوجوب من الراكب؛ لسهولة استقبال القبلة عليه، وحتى ينعقد ابتداء الصلاة إلى القبلة، وقد ذكرنا الأدلة في المسألة السابقة، فأغنى ذلك عن إعادتها هنا.

<<  <  ج: ص:  >  >>