قال البوصيري في إتحاف الخيرة المهرة (٥/ ١٣٨): هذا إسناد ضعيف؛ لجهالة التابعي، وكذب داود بن المحبر. وله أثران، أحدهما: عن علي رواه مسدد كما في المطالب العالية (٢٨١١)، قال: حدثنا ربعي ابن عبد الله، قال: سمعت الجارود يقول: كان رجل من بني رباح يقال له: ابن أثال، وكان شاعرًا أتى الفرزدق بماء بظهر الكوفة على أن يعقر هذا مائة من الإبل، وهذا مائة من الإبل إذا وردت الماء، فلما وردت قاما إليها بالسيوف يكتسعان عراقيبها، فخرج الناس على الحمرات والبغال يريدون اللحم، وعلي بن أبي طالب ﵁ بالكوفة، فخرج على بغلة رسول الله ﷺ البيضاء وهو ينادي: أيها الناس: لا تأكلوا من لحومها، فإنه أهل لغير الله تعالى. والجارود لم يسمع من علي ﵁، وقد صرح هنا ربعي بن عبد الله بسماع هذا الأثر من الجارود، وقد أشار مغلطاي أن المعروف أنه يُرْوَى عن عمرو بن أبي الحجاج، عن الجارود، كذا ذكر غير واحد من العلماء. انظر إكمال تهذيب الكمال (٣/ ١٤٨)، وقد وجدت تصريحه بالسماع في سنن سعيد بن منصور في أثر ابن عباس الآتي، فليتأمل ما ذكره مغلطاي. والثاني: عن ابن عباس، رواه سعيد بن منصور، أخبرنا ربعي، قال: حدثني الجارود بن أبي سبرة، قال: دخلت أنا وأبي على ابن عباس بالشام في يوم جمعة، وقد خرج من مستَحَمٍّ له، وقد اغتسل، وأنا مستلق، يقرأ ﴿لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ﴾ … إلخ. هذا ما وقفت عليه من رواياته، وهي قليلة، وكلها مما تفرد به إلا حديث أنس (يا أبا عمير). فروايته لا تدل على ضبط واشتغال بالرواية، فإذا عارضت هذه الرواية - أعني: حديثه في استقبال القبلة عند بداية التكبير- إذا عارضت رواية غيره من الثقات كان غيره مقدمًا عليه، فقد روى ثلاثة من أصحاب أنس حديثه في الصلاة على الراحلة، ولم يذكروا استقبال القبلة، منهم: الأول: أنس بن سيرين، عن أنس. رواه عن أنس بن سيرين أربعة، همام، وحجاج بن حجاج الباهلي، ومحمد بن سيرين، وبكار بن ماهان. وإليك بيان طرقهم. فرواها البخاري (١١٠٠) ومسلم (٧٠٢) من طريق همام، قال: حدثنا أنس بن سيرين، قال: استقبلْنا أنسَ بنَ مالكٍ حين قدم من الشأم، فلقيناه بعين التمر فرأيته يصلي على حمار، ووجهه من ذا الجانب -يعني عن يسار القبلة- فقلت: رأيتك تصلي لغير القبلة، فقال: لولا أني رأيت رسول الله ﷺ فعله لم أفعله. قال البخاري عقب روايته: رواه إبراهيم بن طهمان، عن حجاج، عن أنس بن سيرين، =