فرواه حجاج بن محمد، ويحيى بن سعيد القرشي، كلاهما عن ابن جريج، عن موسى بن عقبة، عن نافع، عن ابن عمر بلفظ مختصر بذكر الصفة الثانية. ورواه الثوري عن موسى بن عقبة تامًّا وقد جَوَّدَ الحديث وذكر الصفتين، إلا أنه ذكر صفة صلاة الخوف جماعة مرفوعة وهي توافق رواية سالم المرفوعة، وذكر الصفة الثانية صفة صلاة الخوف رجالًا وركبانًا موقوفة على ابن عمر. ويشبه أن تكون رواية سفيان هي الأقرب، حيث فَصَلَ المرفوع عن الموقوف، خاصة أن سالمًا قد روى الصفة الأولى عن أبيه مرفوعة، والصفة الثانية موقوفة على ابن عمر، فأميل إلى أن رواية الصفة الثانية مرفوعة أدرجت في الحديث وهي من كلام ابن عمر، والله أعلم. وكونها موقوفة لا يبطل الاحتجاج بها؛ لموافقة كلام ابن عمر لما جاء به القرآن الكريم، بقوله تعالى: ﴿فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا﴾. كما أن من الأصول الصحيحة الاحتجاج بقول الصحابي ﵁ خاصة إذا كان فقيهًا كابن عمر ﵄. كما رواه ابن المبارك وأبو إسحاق الفزاري، كلاهما عن موسى بن عقبة به، بذكر الصفة الأولى مرفوعة إلى النبي ﷺ، ولم يذكرا الصفة الثانية. فهذه متابعة تامة لرواية سفيان في رفع الحديث بذكر الصفة الأولى. فكان نافع تارة يشك في رفع الحديث كله بصفتيه، وأرى أن الشك دخل على نافع في الحديث لأن قدرًا من الحديث موقوف، وقدرًا منه مرفوع، فالتبس على نافع فلم يجزم برفعه كما في رواية مالك عنه. وتارة يجزم بوقف الحديث كله بصفتيه كما هي رواية عبيد الله بن عمر وأيوب السختياني هيبة وخوفًا من الخطأ. وتارة يَفْصِل المرفوع عن الموقوف كما هي رواية موسى بن عقبة من رواية الثوري عنه، وهي عند مسلم. وإذا كان سالم قد روى الحديث عن أبيه جازمًا برفع صفة صلاة الجماعة في الخوف فإن هذا القدر هو الذي يجزم الباحث برفعه، وما تردد فيه نافع يكون الوقف هو المتيقن، والله أعلم. هذا الكلام على سبيل الإجمال، وإليك الكلام على طريق نافع مفصلًا معزوًّا إلى مصادره، والله أعلم. الطريق الأول: مالك، عن نافع. رواه مالك في الموطأ من رواية يحيى بن يحيى الليثي (١/ ١٨٤)، عن نافع، أن عبد الله بن عمر كان إذا سئل عن صلاة الخوف قال: يتقدم الإمام وطائفة من الناس، فيصلي بهم الإمام ركعة. وتكون طائفة منهم بينه وبين العدو لم يصلوا. فإذا صلى الذين =