بأن الأثر في غاية الصحة، فهو من رواية عفان، عن همام، وهو من أثبت أصحابه، عن قتادة، عن أنس، فلا يشك أحد في صحة هذا الإسناد، واحتمال النسيان قد يرد من الواحد والاثنين، أما من الجيش فهو مستبعد جدًّا.
الدليل الخامس:
أن الصلاة شرعت لإقامة ذكر الله، وحال الاقتتال يكون الخوف شديدًا، فلا يمكنه من إقامة ذكر الله تعالى.
• ويناقش:
بأن إقامة ذكر الله، منها ما هو ركن، كقراءة الفاتحة، ومنه ما هو واجب، ومنه ما هو مسنون، وكلها تسقط بالعجز، قال ﷺ: صل قائمًا، فإن لم تستطع فقاعدًا …
• دليل الجمهور على مشروعية الصلاة حال الالتحام:
أما الدليل على سقوط الاستقبال بالعجز:
الدليل الأول:
قال تعالى: ﴿فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا﴾ [البقرة: ٢٣٩].
أي: صلوا الصلاة (رجالًا) أي: ماشين على أرجلكم، أو ساعين عليها.
(أو ركبانًا) على الإبل وغيرها من المركوبات.
وحذف المُتَعلَّق ليعم الخوف، فيشمل الخوف من العدو حال القتال، والخوف من اللصوص، وقطاع الطرق، والخوف من السباع، فكل أمر يخاف منه فهو مبيح ما تضمنته الآية كالخوف من فوات ما يتضرر بفواته أو تفويته، وفي هذه الحال لا يلزمه استقبال القبلة، بل قبلته حيثما كان وجهه (١).
الدليل الثاني:
(ح-٨٥٨) ما رواه البخاري من طريق مالك، عن نافع،
أن عبد الله بن عمر ﵄، كان إذا سئل عن صلاة الخوف قال:
(١) انظر تفسير اللطيف المنان في خلاصة تفسير القرآن (ص: ٧٤).